يجتمع عدد من المسلحين الفلسطينين في ساعة متأخرة من الليل في موقع تدريب لأحد الفصائل الفلسطينية على الحدود الشرقية لقطاع غزة مع اسرائيل، للتخطيط لخطف جنود اسرائيليين، في عملية لن تنفذ فعلاً لانها حدث درامي في مسلسل تنتجه قناة تابعة ل "حركة المقاومة الاسلامية" (حماس) في القطاع. وتنتج هذا المسلسل قناة "الاقصى" التابعة للحركة في غزة، وهو من ثلاثين حلقة كل منها من أربعين دقيقة تعرض في شهر رمضان الذي يبدأ اواخر الشهر الحالي. ويقول مخرج العمل عمار التلاوي إن هذا المسلسل هو "الأول في فلسطين بهذا الحجم والمدة"، علماً أن انتاج الأعمال الدرامية ليس مألوفا في قطاع غزة حيث تغيب دور السينما ومعاهد فنون التمثيل. ويشارك في العمل الدرامي الذي استغرق انجازه ثلاثة شهور فقط، 15 فنيا تعمل غالبيتهم في فضائية "الاقصى"، الى جانب نحو 60 ممثلا لم يتلق أي منهم دراسة أكاديمية. ويلاحظ الدور المحدود للنساء في المسلسل "بسبب الطبيعة المحافظة للمجتمع في غزة والذي لا يتقبل مشاركة الإناث في التمثيل" بحسب المخرج. وتدور أحداث هذا المسلسل الذي يحمل اسم "الروح"، بين الانتفاضة الفلسطينية الأولى نهاية العام 1987، واندلاع الانتفاضة الثانية العام 2000. ويستعرض العمل "تطور المقاومة الفلسطينية من بدايات بسيطة كالحجارة الى حين وصلت لمراحل متقدمة" بحسب ما يقول كاتب العمل سليمان ابو ستة الذي يعمل في فضائية "الاقصى" ايضا. ويتناول المسلسل حياة عائلة فلسطينية تعيش في مخيم للاجئين، يتعرض منزلها لقصف اسرائيلي. وفي حين ينتمى أحد أبنائها الى "المقاومة" الفلسطينية ضد اسرائيل، يعتقل الجيش الاسرائيلي شقيقه الذي تقتصر إهتماماته على الدراسة فقط، ويتعرض للتعذيب، ما يدفعه هو الآخر للانضمام الى "المقاومة" مع أخيه. وبينما تقف مجموعة من الممثلين الذين يرتدون الزي العسكري الاسرائيلي وخوذ الراس ويحملون على أكتافهم أسلحة "ام 16" تحلق الطائرات الحربية الاسرائيلية فوق هذا الموقع الذي تعرض سابقا للقصف الاسرائيلي فعلا مرات عدة. ويقول مدير دائرة الانتاج في فضائية "الأقصى" زهير الافرنجي ان "العمل ينقل الوجه المشرق والحضاري للمقاومة الفلسطينية بكافة أطيافها، وينقل أيضا الجوانب الاجتماعية لهؤلاء المقاومين ضد الاحتلال والظلم والطغيان". ويتطرق المسلسل أيضا الى العمليات "الإستشهادية" التي طالما نفذتها "حماس" ضد اسرائيل، قبل أن تبسط نفوذها على قطاع غزة بعد الانتخابات التي اعقبت سيطرتها العسكرية على القطاع منتصف العام 2007. ويقول ابو ستة ان المسلسل يتعرض أيضا "لمحاكاة قصة اختطاف جلعاد شاليط"، الجندي الاسرائيلي الذي خطفته "حماس" في العام 2007 ثم اطلقت سراحه في صفقة تبادل للاسرى الفلسطينين في السجون الاسرائيلية ضمن اتفاق تم برعاية القاهرة في 2010، واعتبرته "حماس" آنذاك "انتصاراً للمقاومة". وعلى رغم أن عرض المسلسل في شهر رمضان يضعه في منافسة شديدة مع المسلسلات الرمضانية لا سيما المصرية والسورية التي يقبل عليها الفلسطينيون طيلة أيام الشهر، إلا أن التلاوي يأمل في أن "يحظى بنسبة مشاهدة عالية في فلسطين والعالم العربي". ويقول مصدر في الفضائية طلب عدم ذكر اسمه إن "الإدارة ستقوم بعرض العمل على الفضائيات العربية بدون مقابل مادي". ويرفض الافرنجي الإفصاح عن الموازنة المادية للعمل لكنه يكتفي بالقول ان "التكلفة متواضعة جداً". وتقول الطالبة الجامعية آية احمد (19 عاما) والتي شاهدت الاعلان الدعائي للعمل على قناة الاقصى "بالطبع سأشاهد المسلسل، هذا عمل فلسطيني يمثلنا ويتحدث عن معاناتنا، أحب أن أشاهد كيف سيقوم الممثلون بتجسيد معاناتنا وعرضها للعالم". لكن الشاب جمال أيوب (20 عاما) يستبعد أن يتابع المسلسل، ويقول "نريد مشاهدة مسلسلات مسلية تبعدنا عن واقعنا السيء في غزة"، لكنه يستدرك "سأشاهد بعض الحلقات فقط في سبيل تقييم الدراما الغزاوية ودعمها".