يعرض تلفزيون فلسطين مسلسل «الجماعة»، الذي يتناول حكاية حركة الإخوان المسلمين، بعد الجدل الذي رافق عروضه على التلفزيون المصري وسواه من القنوات العربية في رمضان. وأثار عرض المسلسل حركة «حماس»، التي هاجمت، في بيان تارة وفي تصريحات على لسان قياديين فيها تارة أخرى، المسلسلَ وإدارة تلفزيون فلسطين التي قررت عرضه، وتوقيتَ العرض، بل ذهبت إلى ما هو أبعد من ذلك، حيث وجدت في عرض المسلسل هذه الأيام ضرباً لجهود المصالحة الفلسطينية، وتعطيلاً لها. وقالت «حماس» في عرض المسلسل الذي يتناول حكاية الشيخ حسن البنا، مؤسس الحركة التي تُعَدّ الحركة الأم والمظلة الأوسع لحركة المقاومة الإسلامية «حماس»: «سلطة رام الله ليست فقط غير جاهزة للمصالحة، بل إن من مصلحتها إبقاء حال الانقسام، وعرض مسلسل «الجماعة» يأتي في هذا السياق». وسارت حركة «حماس» في احتجاجها على عرض المسلسل، الذي شاهده الملايين قبل عرضه على الشاشة الفلسطينية، على غرار الحركة الأم (الإخوان المسلمين) في مصر، بل إنها اتهمت القائمين على تلفزيون فلسطين بأنهم يهدفون من عرض المسلسل إلى الإثبات للإسرائيليين والأميركيين أنهم جزء أساسي في ما يعرف ب «الحرب على الإرهاب»، مؤكدة أن «السلطة الفلسطينية باتت تدرك أن بقاءها يعتمد على تواصل التعاون الأمني مع الكيان المحتل، وبالتالي لا يمكن إلا أن تقدِّم عملاً يدلِّل على نواياها الحقيقية، فعرضت هذا المسلسل». واستهجن عماد الأصفر، المدير العام للبرامج في تلفزيون فلسطين «هذه الاتهامات التي ساقتها حركة حماس بحق التلفزيون وإدارته بسبب عرض مسلسل مصري الإنتاج، سبق وعرض في عشرات القنوات الفضائية في رمضان الماضي، بل حصد عدداً من الجوائز في مناسبات كأفضل عمل درامي في رمضان». وقال الأصفر ل «الحياة»: «أستغرب الحديث غير المعقول، والذي لا يمكن أن يتصوره أحد، ويربط بين عرض المسلسل وتعطيل جهود المصالحة المتعطلة منذ أكثر من ثلاث سنوات، ولم يكن تلفزيون فلسطين يعرض المسلسل طوال هذه الفترة». وأشار الى انه «لو كانت «حماس» تريد المصالحة لما تذرّعت بعرض مسلسل على تلفزيون فلسطين. هذه حجج فارغة، لأنه إذا توفرت إرادة المصالحة لا يمكن أن يعطلها مسلسل». ونفى الأصفر أن تكون ثمة أهداف سياسية من وراء عرض مسلسل «الجماعة»، بخاصة أنه مسلسل ناجح من الناحية الفنية، سواء على مستوى النص أو الأداء أو الإخراج. ويقول: «كان يجب على «حماس» أو «حركة الإخوان المسلمين» أن تفخر بإنتاج عمل درامي ضخم حولها، وهو عمل مدقَّق وفق الأصول من كبار الباحثين في مصر، ومن شخصيات عاصرت تلك المرحلة، ومن عدد من أبناء الحركة... وإن كان ثمة من يرون فيه إبرازاً لأخطاء الحركة، فلا يوجد اي تنظيم سياسي بلا أخطاء، والذكي من يتعلم من أخطائه». ولفت الأصفر إلى أن «انتقادات «حماس» لم تبن على مضمون المسلسل، وهذا لربما يكون دليلاً على أن من صاغ البيانات المضادة لعرضه في تلفزيون فلسطين، وصرح عبر بعض الصحف العربية من قيادات حماس ضد «الجماعة» لم يشاهد المسلسل أصلاً، ولربما شاهده ولم يدرك الكثير مما اشتمل عليه». وبهذه المعركة الجديدة التي كان تلفزيون فلسطين طرفاً فيها، تتجدد المعارك الفضائية، فقد أنتجت فضائية «الأقصى» التابعة لحركة «حماس»، في السنوات الثلاث الماضية، سلسلة أفلام كارتونية موجهة للأطفال تتهم الرئيس الفلسطيني محمود عباس وحركة «فتح» بالخيانة والجاسوسية... بل وتربي النشء في غزة على أن أتباع «فتح» يحرقون المساجد وينزعون الحجاب عن الفتيات في رام الله وسائر مدن الضفة الغربية، وهو ما أثار «فتح» وعدداً من فصائل منظمة التحرير الفلسطينية ومؤسسات أهلية، لخطورة «تكريس مفاهيم خاطئة قد تتغلغل في نفوس الأطفال وتكرس الانقسام وتزيد من شحنة الغل المتبادل بين «فتح» الضفة و «حماس» غزة». ويشير عدد من استطلاعات الرأي المصرية والعربية، الى ان مسلسل «الجماعة» لكاتب السيناريو وحيد حامد، حقق مراتب متقدمة، وفي بعضها المرتبة الأولى بين عشرات المسلسلات العربية التي قدمت في رمضان الماضي... حتى إن بطل العمل، الفنان الأردني إياد نصار (جَسَّدَ دور البنا)، حصل على «جائزة أفضل ممثل أردني» عن دوره في «الجماعة» في مسابقة «جوردان أوارد»، وقبلها جائزة أفضل ممثل عربي عن مسابقة أعدَّتها مؤسسة «الأهرام» الصحافية، وجريدة «الأهرام» في مصر. وكان نصار صرح لأكثر من فضائية عربية أنه توقَّع أن يثير العمل جدلاً بين مؤيدي ومعارضي «الإخوان المسلمين»، وربما داخل الحركة نفسها، ويرى أن الكثير من الهجوم غير مبرر، بخاصة أن حامد قد استعان بوثائق ومعلومات ومذكرات مقرَّبين من حسن البنا.