منذ أمد لم أسمع ب"الإصلاح"إلا في حالتين... الأولى: أن أكون في"الصناعية"لإصلاح سيارتي، التي من كثرة إصلاحها فقدت هويتها، فلا هي"فورد"، ولا هي"جي إم سي"، ولم تعد تعترف بها وكالة واحدة على وجه البسيطة! بسيطة يا رجل. والثانية: عندما تكبر الخلافات بين زوجين فتتدخل لجنة"إصلاح"ذات البين... بين"الحمامة"و"غراب البين"، وفي الحالتين غالباً ما تفشل الحلول الطويلة وتنجح المسكنات والحلول الوقتية، فتعود سيارتي ل"عض"أقرب رصيف! وتعود حليمة لعادتها اللئيمة، وتطلب الطلاق من ذلك"المزيون"المذكور أعلاه، لمجرد أنه"ما وداها عند خواتها المتجمعات عند أمها"... فلا ميكانيكي نفع لسيارتي، ولا"مطوعة"أحبطت شياطين تلك الزوجة. أما الإصلاح الذي نسمع عنه في هذه الأيام، ويُتداول في أروقة الوزارات"المتهمة شعبياً"بالفساد فلا خوف عليهم ولا هم يستقيلون... فالأمور تسير كما كانت سائرة، والمناقصات لا تزال"تزف"الملايين في بطون أصحاب ملايين سبقتها، بل إن الفساد المعني بالمحاربة اختزل في"فضيحة سيولجدة"، والتفت الإعلام كل الإعلام إلى جدة ونسي أن لجدة"جدات"، ولفضيحة السيول أخوات"فحفر الباطن مثلاً داهمتها السيولمرات عدة، وحصلت وفيات، وكان أول الغارقين في حفر الباطن أرجو عدم الضحك هو مشروع تصريف السيول، الذي استهلك الكثير من المال والوقت... ليست"نكتة"، وإنما هي كارثة أدت إلى نكتة، وقمة المآسي هي التي تضحك. أما دلائل"الإصلاح"فهي غائبة"فمثلاً: المجالس البلدية المسؤولة عن الإصلاح لم تتغير مهماتها، ولم تتطور صلاحياتها منذ انتخابات 2005 حتى 2011 هيّ، هيّ"فإن كان هناك نية حقيقية في الإصلاح لماذا لم تعط صلاحيات أكبر من مجرد مجلس استشاري لا يراقب إلا بمزاج رئيس البلدية، ولا يقر مشاريع إلا ما آتاه الوزير من هبات، فلا أظن أن من مصلحة وزارة البلديات والشؤون القروية أن تتعاون مع مجالس بلدية صورية"لا تهش ولا تنش"، وأصبحت مجرد مناصب اجتماعية تضاف إلى"أصناف"الشخصيات الاجتماعية التي تزخر بها"مضارب أهلنا". ولا أظن أن من مصلحة العمل البلدي أن يتم إرهاق البيروقراطية الموجودة أساساً بمجالس لا تساعد في خلق مزيد من الحلول وكثير من التنمية، بل على العكس هم أصبحوا ومن خلال الصلاحيات السابقة والمقبلة شهود زور على كثير من التجاوزات في البلديات التي تفرغ بعضها لإصدار التراخيص المتكررة كنوع من الدعم اللوجستي لإغراق السوق بتأشيرات لعمالة أجنبية تصدر من مكاتب العمل. الإصلاح لم يكن يوماً"شعاراً"يُرفع، إنما هو منهج عمل يدفع للتنمية ويساعد المسؤول في أداء عمله بشفافية وتمكن، فلا يمكن أن نعتبر زيادة مخصصات مشروع لمجرد تعثره إصلاحاً، بل على العكس هو توسيع دائرة الفساد لتتسع لأكبر عدد من المستفيدين، ولا يمكن أن نعتبر ترميم مدرسة، تم ترميمها أكثر من مرة، إصلاحاً... الإصلاح هو أن يتم البدء بفتح ملفات قديمة وصولاً إلى يومنا هذا، والإصلاح يتم بمعالجة مشكلات لا تقتصر على السكن فقط، بل تتعداها لتحسين أداء المواصلات بإحداث وسائل جديدة... الإصلاح يشمل التعليم والصحة والبحوث... الإصلاح يمكن أن يدخل في كل مناحي الحياة، من ضمنها إصلاح سيارتي... وإلى أن يتم ذلك يبقى الإصلاح المتاح هو"إصلاح"سيارتي. نايف المعدي - الرياض [email protected]