** لا أدري بالضبط الى أين وصلت برامج أمانة جدة في إصلاح شأن الحفر الوعائية، التي زاد عددها، وتعاظم أمرها، وتحولت الى كابوس حقيقي في كل شارع كبير وصغير وحتى زقاق في مدينتنا الاثيرة جدة.. أقول هذا بعد ان نشرنا هنا في (البلاد) قبل شهور عدة خبراً, أو لعله أكثر من خبر في هذا الشأن، كان قادماً لنا من المركز الاعلامي بالأمانة.. وهو بالمناسبة مركز يضم نخبة محترفة من صناع ومترجمي نشاط الامانة الى هيئة أخبار وتقارير من النوع الذي لا تخر منه المويه ويومها امتلأئا فرحاً وبشراً، بأننا سنمضي فعلاً في شوارع مثل صفحة الزبدة، لا تشوبها المطبات الاصطناعية، ولا تعكرها الحفر الوعائية، التي يصل اثر بعضها إلى ما يوازي خلع ضروس السائق والركاب. ** أقول هذا وأنا أغدو وأعود يومياً عدة مرات في أحياء شرق جدة مثل قويزة، والرغامة، المتنزهات، ونحوها.. أقول أغدو وأعود، والمطبات والحفر (هي.. هي) دون أن تصلها برامج أمانة جدة التي سبق الاعلان عنها في زفة اعلامية كان لها شنة ورنة.. فما هي الحكاية بالضبط؟.. هل هي برمجة لهذا المشروع بحيث ان أحياء شرق جدة ضمن البرنامج، وان نصيبها من ازاحة هذا الصداع قائم فعلاً، وان على الناس هنا الانتظار فقط؟.. أم ان المسألة مجرد حديث عن مشروع صغير تم تنفيذ جزء واحد، أو أجزاء من مدينة جدة، وكان الله سميع الدعاء؟! ** الذي أعتقد انه أمر منطقي في هذه المسألة، انه يتوجب على أمانة جدة، ان تخلق منافسة بين فروع الامانة في أحياء جدة، وان تجعل كل فرع بمثابة بلدية كاملة، بحيث يقوم رئيس الفرع بتقديم ابداعاته ورؤاه ضمن الرؤية الاساس للامانة ككل، وان تتاح لرؤساء البلديات الفرعية حرية الحركة والابداع والتألق.. ومن يثبت جدارته وابداعه فعلى العين والرأس.. ومن ثبت انه كلاسيكي في عمله، فليدع مكانه لغيره، فيريح ويستريح، لان جدة - وقد قلت هذا سابقاً - تحتاج حقيقة وربما أكثر من اي مدينة اخرى الى مسؤولين من طراز ابداعي، يرتفعون بمستوى أدائهم العملي الى مكانة هذه المدينة الاقتصادية والسياحية.. ولا أعرف حقيقة ما اذا كانت امانة جدة قد اعطت رؤساء البلديات الفرعية صلاحيات كبيرة، وميزانيات كاملة، تجعلهم يتحركون وينتجون، أم انهم فقط مجرد تنفيذيين، وبالتالي فان مساحة رؤاهم وابداعاتهم تتكسر أمام النهج المركزي، الذي لم يعد هو المدرسة الادارية المعمول بها عالمياً. ** وأستطيع أن أحصي سلبيات بلدية معينة في الحي الذي أسكن فيه في شرق جدة، واقول انها بقيت صورا متكررة ليس لعدة اشهر بل لسنوات فوق بعضها، نمرّ عليها صباح مساء وهي لم تتبدل، فهل هذا قصور من البلدية الفرعية، ام انه منهج عملي اداري لامانة جدة، لم يعد يتفق مع متغيرات الحياة، ولا مع أساليب الادارة الحديثة، ولا مع طموحات المواطن في احداث نقلة نوعية في الأداء والمخرجات ** واستطراداً لما سبق، وعلى سبيل مقارنة الشيء بالشيء فان ادارة التربية والتعليم بجدة، قد أحدثت مراكز اشراف فرعية ستة في احياء جدة، وحولتها الى ادارات تعليم مصغرة وصار مدير مركز الاشراف لكل ناحية هو المسؤول الاول عن تطوير الاداء في جهته، وقدمت هذه الخطوة غير المركزية ثماراً كثيرة، لمسها المواطن، وأشاد بها الكثيرون.. فهل فعلت أمانة جدة ذات الفعل؟.. لا أدري، ولكن المطلوب في كل الأحوال من الأمانة أن تتجه أكثر إلى تعزيز الانطلاق نحو اللامركزية، وأن تقلص في اقرب الوقت الأداء المركزي.. بحيث اذا تم الاعلان عن مشروع معين، مثل القضاء على المطبات والحفر الوعائية، يتم تنفيذه في كل الاحياء والبلديات الفرعية بالتساوي، وضمن برمجة معينة، يتم تنسيقها بين الفروع والجهاز المركزي بالامانة، وأظن ان هذا هو أسلوب الادارة الحديثة. ** وأخيراً.. فاننا نتطلع مع المتطلعين الى أن يمتد مشروع اقتلاع الحفر والمطبات من أحياء شرق جدة، ومن غيرها، بعد ان فعلت هذه الحفر والمطبات الأفاعيل بسياراتنا واعصابنا لسنوات طويلة، فوق قشرة اسفلت اقرب ما تكون الى بسكوت، لا يصمد أمام رشة مطر، أو مطاعم مخالفة ترويها صباح مساء بغسيل بلاطها، وأمام هذا الزحف المهول من حركة السير فوقها، فأريحونا أراحكم الله. [email protected]