لا أحد يمكنه الاعتراض على عمل الخير، بأشكاله كافة، وإنما ربما يعترض أحدهم على الطريقة أو على سلبيات ما."الجمعيات الخيرية"في السعودية ربما تعد أحد النشاطات الخيرية البارزة منذ عقود، لكن"غياب الاستراتيجية"لدى معظمها يضعف أداءها. يبلغ عدد الجمعيات الخيرية 591 جمعية خيرية، منها 510 تندرج تحت تصنيف"جمعية بر"، في حين تشير الأرقام على موقع وزارة الشؤون الاجتماعية إلى وجود ست جمعيات أيتام فقط، فيما وصلت جمعيات المعوقين إلى 14 جمعية منتشرة في أرجاء المملكة، ولم يحظ المسنون سوى بجمعيتين. وعلى رغم تنويه عدد من الباحثين الاجتماعين إلى وجود نقص حاد في عدد الجمعيات"النسائية"في المملكة، وتشديدهم على ضرورة العمل على زيادة عددها الذي لا يتجاوز 37 جمعية، لتشمل جميع مناطق المملكة، فإن عجلة سير تأسيس هذا النوع من الجمعيات لا تزال بطيئة، في صورة عزاها البعض إلى ضعف روح المبادرة لدى الاختصاصيين والاختصاصيات والمهتمين، وتضاءل حرصهم على تأسيس الجمعيات الخيرية التي تعمل بشكل تطوعي، وتقدم خدماتها لأفراد المجتمع. افتقاد التنظيم لعمل الخير، عبر تفاوت الآداء، يؤكده المتحدث الرسمي باسم وزارة الشؤون الاجتماعية محمد العوض، بأن"ليست كل الجمعيات التي تحصل على الترخيص من الوزارة تقوم بعملها على أكمل وجه"، وذلك بسبب وقوعها في بعض المشكلات التي قد تعوق من عملها، إلا أنه أكّد أن الوزارة تعمل على حل أي مشكلة تتعرض لها الجمعيات، وتتدخل في ما يعينها على تجاوزها. يبلغ عدد الجمعيات الخيرية 591 جمعية خيرية، منها 510 تندرج تحت تصنيف"جمعية بر"، في حين تشير الأرقام على موقع وزارة الشؤون الاجتماعية إلى وجود ست جمعيات أيتام فقط، فيما وصلت جمعيات المعوقين إلى 14 جمعية منتشرة في أرجاء المملكة، ولم يحظ المسنون سوى بجمعيتين. هذه الأرقام سواء اعتبرت كبيرة أو صغيرة، إلا أنها تثير تساؤلات عدة، كمصادر الدخل ومنابع التمويل للجمعيات الخيرية، هل هي الأوقاف"أم رجال الأعمال؟ وما يبقي زخم التساؤلات حول نوعية الجمعيات الخيرية في المملكة، معرفة أن الكثير من الجمعيات اتجهت نحو عمل مؤسساتي خيري يستند إلى أرضية صلبة من أوقاف ومشاريع خيرية، وليس إلى تبرعات تخضع لعوامل متعددة. وعند أخذ جمعية البر في جدة كنموذج، فإن الجمعية تعتمد على التبرعات، إضافة إلى العديد من مصادر الدخل الثابتة، فلديها مجمع تجاري في احدى أرقى مناطق جدة"البر بلازا"، إضافة إلى"ديار البر"، وهي مكونة من أربع عمارات سكنية ومنزل شعبي يبلغ مجموع إيراداته السنوية ما يوازي نصف مليون ريال سعودي. لكن عند النظر إلى حجم الأسر والأيتام الذين تتكفل برعايتهم جمعية البر في جدة يبدو الرقم"غير مقنع"، فالجمعية ترعى 750 أسرة، إضافة إلى كفالتها 2195 يتيماً، فضلاً عن تكفلها بمصاريف التشغيل كاملة لست دور إيواء للأطفال، عدا الرعاية الصحية التي تكفلها الجمعية للعديد من الأسر، في وقت لم تفصح فيه الجمعية عن موازنتها التشغيلية للعام الماضي. من جهته، أوضح رئيس مجلس إدارة جمعية البر رجل الأعمال المعروف مازن بترجي ل"الحياة"، أن 80 في المئة من الدعم المقدم لجمعية البر مصدره رجال أعمال، مشيراً إلى أن الجمعية تبني موازنتها على التبرعات والمداخيل المتوقعة. وأكد أن الجمعية وإن تضاعفت التبرعات لها في أحد الأعوام، فإنه لا يمكن مضاعفة حجم أنشطة العمل الخيري، وزاد:"الجمعيات الخيرية في السعودية قائمة على تبرعات المحسنين من رجال أعمال وشركات". ولفت إلى أن أحداث 11 أيلول سبتمبر كان لها الأثر الكبير على الجمعيات الخيرية داخل السعودية"تضاعفت مداخيل الجمعيات الخيرية، بعد أن أصبح رجال الأعمال يصبون تبرعاتهم داخل بلدانهم بدلاً من الخارج". وألمح إلى زيادة في دخل جمعية البر بجدة بنسبة سنوية لا تقل عن 15 في المئة، منوهاً إلى أن ذلك يحدث مع الكثير من الجمعيات الخيرية. ورفض بترجي أن تعتبر أعداد الجمعيات الخيرية في السعودية مقارنة بعدد السكان"كافية"، معتبراً أن عدد الجمعيات"لا يزال قليلاً". وعزا عدم إعلان العديد من الجمعيات الخيرية عن مصادر دخلها إلى قلة خبرتها في مجال الأنشطة الخيرية، مضيفاً:"في السابق كان هناك لكل جمعية محاسبان، أحدهما من الجمعية، والآخر من وزارة الشؤون الاجتماعية، لكن حالياً هناك محاسباً واحداً من الوزارة، وغالباً نفتقد في السعودية المعايير المحاسبية للمؤسسات غير الربحية". وطالب بترجي بالسماح لرجال الأعمال بنسبة معينة من الزكاة"من أجل التبرع بها للجمعيات والمؤسسات الخيرية المعتمدة في السعودية"، مشيراً إلى أن النظام القديم لمصلحة الزكاة والدخل كان يسمح لرجل الأعمال بالتصرف بما يوازي 50 في المئة من زكاته لمصلحة الجمعيات الخيرية. واستشهد بالتجربة الأميركية في الضرائب"يتم السماح لدافعي الضرائب بالتصرف بنسبة معينة من مبالغ الضريبة المحصلة لمصلحة تلك الجمعيات"، متوقعاً أن تؤدي تلك الخطوة في حال تمت إلى تغطية حاجات الجمعيات بشكل كبير. واعترف بأن الموارد لا تغطي حاجات الجمعيات الخيرية في المملكة، ما يحول دون تحقيق كامل لأهداف تلك الجمعيات. وحول النسبة التي تمثلها الأوقاف من موازنة جمعية البر في جدة، بين بترجي أن إجمالي الأوقاف لا يمثل 20 في المئة من إجمالي الموازنة، معترفاً بأن السبب في قلة النسبة التي تمثلها الأوقاف من إجمالي الموازنة يعود إلى تأخر الجمعية في سلوك هذا التوجه. واستدرك:"لا بد لنا من تنظيم الوقف، ولكن هناك أموراً شرعية تحكمنا، فعلى سبيل المثال الزكاة لا يجوز تحويلها إلى وقف". ورفض رجال أعمال التقليل من دور الجمعيات الخيرية ووصفها ب"الكلاسيكية"التي تعمل تحت طائلة"الروتين"و"البيروقراطية"، وأكدوا أن جميع الجمعيات القائمة 591 جمعية تقوم بأدوارها المناطة بها وفق الخدمة التي أنشئت من أجلها، إلا أنهم لم ينكروا نشاط جمعيات أكثر من أخرى. وفضل الرئيس السابق لغرفة تجارة وصناعة جدة رجل الأعمال صالح التركي تقويم الجمعيات الخيرية الموجودة على الساحة، إلا أنه أشاد بالتطور الكبير الذي تشهده"بدأت الجمعيات تتخصص في عدد من المجالات، مثل دعم ومساعدة الأسر المحتاجة ورعاية الأيتام، وجمعيات تعنى بالأمراض مثل السرطان ونقص المناعة، وجمعيات تعنى بالعنف الأسري وغيرها". وقال:"هذه التخصصية في أداء كل جمعية تحسن من خدماتها المقدمة"، مؤكداً ثقته ? بحكم خبرته - بمعظم الأشخاص ممن لهم علاقة بالجمعيات الخيرية من أعضاء مجلس إدارة وعاملين. وشدد على أهمية التوجه إلى التخصص في فئات معينة ومناطق معينة"وهذا ما تعمل الشؤون الاجتماعية على دعمه، حتى تقدم هذه الجمعيات خدمات مميزة للأفراد أو الأسر المحتاجة لها". وأضاف:"لا تختلف الجمعيات الخيرية النسائية عن الجمعيات الأخرى، عدا كونها تدار من عنصر نسائي من مجلس إدارة وموظفات، إلا أن خدماتها تقدم للجميع من دون استثناء". فيما اعتبر رجل الأعمال السعودي عبدالخالق سعيد، أن الجمعيات تختلف في مدى أدائها وخدماتها المقدمة التي تعتمد على نشاط القائمين عليها،"فهناك جمعيات نشطة تقوم بدورها في حث رجال الأعمال والميسورين على دعم أنشطتها، من خلال ما تقدمه من بيانات مالية وخدماتية تقدمها لكل المستفيدين منها".