جمهور نادي الوحدة هو أغرب جمهور الأندية السعودية، وربما الأندية العربية كلها. فهو جمهور عاشق لناديه المكي حد"الثمالة"، وقد عانى هذا الجمهور"المتيم"الأمرين، وذاق"العلقم"من حبه لهذا النادي العريق. فنادي"العاصمة"المقدسة لم يحقق كأساً منذ 46 عاماً، ولم يلعب على نهائي منذ 38 عاماً، ولم ينافس قط على بطولة الدوري السعودي، وهبط للدرجة الأولى مرات عدة، ولا يزال مهدداً بالهبوط عاماً بعد آخر حتى اليوم، وتعاقبت عليه إدارات عدة بعيدة كل البعد عن العمل الإداري الرياضي المنهجي، ورؤساء أندية عدة كل همّهم"الشهرة"و"البزنس"، وعدد من أعضاء الشرف الباحثين عن"التلميع"و"الأضواء"ولاعبون كل همّهم الانتقال لأندية الرياضوجدة. وعلى رغم هذا ظل"جمهور الصبر الأربعيني"وفياً محباً مسانداً يهتف في المدرجات، يتابع التدريبات، يشجع في المباريات، يصوّت في الانتخابات، يعارض الإدارات، يقرأ المقالات، يكتب في المنتديات، يدعم بآلاف الريالات، ويتغزل في"الوحدة"بأجمل العبارات وأشهاها وأعذبها، وكأنها أجمل الجميلات وسيدة الحسناوات. ويكمن في اعتقادي سر هذ"الهيام"و"الوله"و"الغرام"من الجمهور المكي لناديه"الوحدة"في عشق أبناء مكةالمكرمة لمدينتهم، فالإنسان"المكي"مرتبط ارتباطاً وجدانياً غريباً مع"مكة"التي يحبها ويحب كل ما فيها حد"التقديس"، ولا يشكّل المستوى فارقاً كبيراً لديه، هو بلا شك يتمنى أن يكون كل ما في مكة مميزاً، ولكن إن لم يكن كذلك فلن يغيّر هذا شيئاً في الحب والولاء والانتماء والوفاء، فالإنسان المكي يحب مكة وما فيها حباً عاطفياً مجرداً مخلصاً وخالياً من المصلحة، التي ربما تحتم على الحبيب انتظار شيء ما أو فعل إيجابي من حبيبه. هو فقط يحب بلا انتظار لأي نتائج أو مقابل، وان جاءت فأنعم بها وأكرم، وان لم تأت لا يهم ذلك كثيراً. وكان البعض الى عهد قريب، وتحديداً ما قبل عام 2007 يعتقدون مخطئين أن الجمهور"الأحمر"قل كثيراً وربما شاخ وهرم وانتهى عهده، حتى فوجئ الجميع في مباراة المربع الذهبي بين الوحدة والشباب بأن جمهور الوحدة ملأ ملعب الشرائع عن بكرة أبيه بالمحبين من كل الشرائح والأطياف والأعمار، وكلهم يهتفون بصوت واحد لنادي"مكةالمكرمة"الذي لعب مباراة كبيرة يومها، وتفوق على الشباب حامل اللقب آنذاك وهزمه في"الحفرة"، وهذا الاسم الذي يحلو للوحداويين إطلاقه على ملعبهم، وكان آنذاك الفريق يلعب بأحدث أجياله الذهبية: أسامة هوساوي، ناصر الشمراني، عيسى المحياني، كامل الموسى، عساف القرني، احمد الموسى، ماجد الهزاني، وغيرهم. وكان يوماً تاريخياً دلل بشكل قاطع على أن الجمهور الوحداوي باق ما بقي أهالي مكةالمكرمة ومحبوها في المملكة وخارجها. بلا شك يستحق"جمهور الصبر الأربعيني"أن يشاهد كأساً تسلم في مدينته، وقد تعودنا في الحياة أن من يصبر ينال مراده ولو بعد حين. وكم فرحنا بعد أن تواترت انباء قبل ايام عن اقامة النهائي المرتقب بين الوحدة والهلال بعد اسبوعين في"العاصمة"المقدسة التي لم تشهد نهائياً محلياً منذ نصف قرن، ولم يشهد ملعب"الشرائع"اي نهائي سوى في دورة الألعاب الاسلامية التي كسبها المنتخب السعودي مع ناصر الجوهر قبل سنوات. وسيمنح هذا القرار في حال تنفيذه للرياضة السعودية بعداً جديداً، ويعد بمثابة اعتراف وعرفان بدور مكةالمكرمةالرياضي اذ كانت مهداً للرياضة السعودية الحديثة. وفي الوقت نفسه لن يؤثر هكذا قرار في الهلال الذي يلعب في أي مدينة سعودية كأنه يلعب في الرياض، ولكن هذه المرة الكأس سيكون طعمها مختلفاً في مكةالمكرمة، سواء ذهبت للهلال أو الوحدة، وجمهور"العاصمة"المقدسة حقاً يستاهل ويستحق. بدون تشفير إذا أراد لاعبو الوحدة أن تسجل أسماؤهم في التاريخ الرياضي، عليهم بالتدريب المنتظم والانضباط والجدية والإيمان بإمكان النجاح. [email protected]