منذ زمن بعيد، وعندما كنت صغيراً في بداية شغفي بكرة القدم كان كبير مدرجات نادي الوحدة عاطي الموركي وقائد رابطة مشجعيه دائماً ما يردد آنذاك أهزوجة غريبة وغير معتادة على مدرجات كرة القدم كانت تعبر بحزن وشجن عن الظلم وعلاقته بنادي الوحدة، كان مطلعها يقول: «ملو ملو ملومة يا وحدة يا مظلومة»، وقد كنت أستغرب في ذلك الوقت لماذا كان المدرج الوحداوي يصدح بهذه الأنشودة العجيبة في عز منافسات الفريق المكي على أرض الشرائع التي شهدت عبر تاريخها أحداثاً غنية ودراماتيكية كان آخرها سقوط الرئيس الوحداوي جمال تونسي وانهياره بطريقة أحزنت ليس فقط محبي نادي الوحدة بل مزقت كل قلوب متابعي الرياضة السعودية. وقد كانت مشاعر التونسي ورد فعله على الشعور ب«الظلم» مثالاً مشهدياً ل«قهر الرجال» الذي استعاذ منه الرسول - صلى الله عليه وسلم-، وقد كان أمراً مؤلماً لا نتمنى أبداً أن يتكرر في الرياضة السعودية، إذ يحلق هذا المشهد بعيداً عما نتمناه من الرياضة وما نحبه لها، وعلى رغم اختلافي إدارياً مع الرئيس الوحداوي الذي عاد سريعاً للنادي المكي بعد عام ونصف العام، من تركه له من دون استعداد نفسي ومالي وإداري وصحي وتخطيطي عبر عملية انتخابية مشكوك في صحتها فقط نكاية في أشخاص لا يحبهم ولا يحبوه، وعلى رغم إيماني الكامل بأنه قدم كل ما لديه للنادي الأحمر عبر فترتين رئاسيتين سابقتين، ولم يعد لديه جديد ليقدمه في ظل اعتماده على مجلس إدارة صوري وعلى أشخاص غير موفقين في اختياراتهم الفنية وتصريحاتهم الإعلامية، وعلى رغم مطالبتي للسيد جمال بالرحيل وترك النادي المكي الذي يحبه لوجوه جديدة لديها الجديد لتقدمه لرياضتنا عبر نادي العاصمة المقدسة، إلا أنني حزنت كثيراً إلى حد الغضب من كرة القدم التي أجبرتني على مشاهدة ذلك المشهد الدرامي المبكي لانهيار الرئيس الوحداوي، فالكرة يجب ألا تجنح بنا إلى هذا الحد الخطير والمؤلم. والحقيقة انني الآن فقط فهمت وبعد سنوات لماذا كان عاطي الموركي يردد «يا وحدة يا مظلومة»، فالقرار الغريب الذي أقدم عليه الاتحاد السعودي لكرة القدم ممثلاً في لجنتي الانضباط والاستئناف بسحب ثلاث نقاط من نادي الوحدة وتهبيطه للدرجة الأولى هو قرار ظالم وغير صحيح، وقد كان امتداداً لقرارات ظالمة أخرى كانت تطبق من جهات مختلفة ضد نادي الوحدة عبر تاريخه العريق من أجل إضعافه وتثبيط عزائم لاعبيه ورجالاته وجماهيره. فبدءا من ظلم نادي الوحدة في عدم إقرار تاريخ تأسيسه الحقيقي ومنح الأولوية للاتحاد مروراً بعدم احتساب أهداف صحيحة في النهائيات التي كان الوحدة طرفاً فيها والتأثير في الحكام عبر شخصيات نافذة لتغيير النتيجة لمصلحة منافسي الفريق المكي البطل آنذاك، وكذلك إرهاب وتخويف لاعبي الوحدة الكبار والمؤثرين في ذلك الوقت والضغط عليهم للانضمام لفرق منافسة، ثم حرمان الوحدة من اللعب على أرضه في مكةالمكرمة وإجباره على اللعب في جدة على أرض المنافسين لسنوات عدة، ثم فرض وصاية على تكليف وتعيين رؤساء معينين، وإبعاد آخرين، عبر التكليف المباشر أو الانتخاب الصوري حتى بات النادي يسلم لمن يعبث به وبتاريخه العريق، ثم القرار الذي لم يكتمل بسلب الوحدة شعارها الأحمر والأبيض لمصلحة النادي الأهلي، والذي أجهضه بعض رجالات مكة في آخر اللحظات عبر اللجوء للملك في تلك الحقبة، ثم القرارات المتعاقبة في بيع نجوم الوحدة بأثمان بخسة عبر فتح المظاريف تحت مسمى الاحتراف لهضم حقوق النادي، وأخيراً وليس آخِراً كان قرار التهبيط الذي سيسهم في قتل جيل وحداوي كامل من اللاعبين المميزين الذين شاهدناهم يتفوقون على كبار نادي الاتفاق ثالث الدوري في كأس الأبطال، وبذلك لا تقوم للوحدة قائمة أبداً، وتبقى جماهير الوحدة جماهير الصبر الأربعيني، صابرة حتى إشعار آخر. لا نتهم أحداً معيناً في قضية ظلم الوحدة، ولكنه من دون شك أصبح نادياً مظلوماً من رجاله الذين يعبثون به ومن غيرهم، على حد سواء. ولا عزاء لجماهير المر الأحمر، وحتى رفع الظلم عن النادي المكي سنردد مع محبيه ومع الموركي ونقول: «ملو ملو ملومة يا وحدة يا مظلومة». [email protected]