فيما كانت سماء جدة تتلبد بالغيوم الداكنة، ويعيش سكانها قلقاً وخوفاً من أمطار توقعت هيئة الأرصاد هطولها، وهم الذين لا يزال يطاردهم شبح فاجعة تشرين الثاني نوفمبر 2009، دهمتهم مساء أمس فاجعة حريق في مجمع مدرسي أهلي للبنات راحت ضحيته معلمتان وأصيبت من جرائه 46 طالبة، ولم يكن غاب عن ذاكرة الكثيرين حريق مماثل في إحدى مدارس البنات في مكةالمكرمة قبل بضع سنوات. وتوفيت وكيلة مدرسة ومعلمة، وارتفع إلى 46 عدد المصابات في الحريق المروِّع بعد ظهر أمس. وتحوّلت مستشفيات جدة العمومية والخاصة إلى خلية نحل لاستقبال ومعالجة الحالات الطارئة، التي علم أن بينها إصابات خطرة نتيجة لاستنشاق المصابات غاز أول أوكسيد الكربون. واضطرت الجهات المختصة إلى الاستعانة بأربع طائرات للمشاركة في أعمال الإنقاذ والإسعاف. وأدت الحادثة إلى تدفق الأهالي على المستشفيات لمعرفة حال بناتهن. واحتشد عدد كبير من السكان في محيط مبنى مجمع مدارس"براعم الوطن"، حيث اندلع الحريق. راجع ص8و9 وحال نجاح الجهات المعنية في إخلاء 700 طالبة و110 معلمات و32 موظفة دون زيادة عدد الخسائر في الأرواح والإصابات. وفتحت حادثة الحريق التساؤلات حول مدى تقيد المدارس الأهلية باشتراطات السلامة، خصوصاً بعدما اتضح أن بعض اللاتي حاصرهن الحريق أمس اضطررن إلى القفز من الدورين الأول والثاني للنجاة من النيران والأدخنة السامة. وتوفيت في الحادثة وكيلة المدرسة غدير محمد كتوعة والمعلمة ريم عامر. ووجه وزير التربية والتعليم الأمير فيصل بن عبدالله وأمير منطقة مكةالمكرمة الأمير خالد الفيصل بإجراء تحقيق شامل لمعرفة أسباب اندلاع الحريق. وأعلن بيان لإمارة منطقة مكةالمكرمة أمس أن عدد المصابات ارتفع في وقت لاحق إلى 46، غادرت 23 منهن المستشفيات، وبقيت 23 حالة تراوح إصاباتهن بين الخفيفة والمتوسطة، فيما تتلقى مصابتان علاجاً مكثفاً في أحد اقسام العناية المركزة. ويضم المجمع المنكوب مدارس بنات تمثل مراحل الروضة والتمهيدي والابتدائي والمتوسط. ويتكون مبناه من ثلاث طبقات. وشاركت في الإنقاذ وإخماد الحريق 13 فرقة إطفاء وإنقاذ. ولم تعرف أسباب اندلاع الحريق في التو، بيد أن مصادر غير رسمية عزته إلى تماس كهربائي. وقالت مصادر إن الحريق اندلع أولاً في الطبقة تحت الأرضية البدروم التي تضم غرفة لدراسة التدبير المنزلي، وصالة للرياضة، ومعملاً لتعلّم اللغات. وسرعان ما انتشر الدخان من"البدروم"ليعم الممرات والفصول والمكاتب.