يعتبر دعم ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء المفتش العام الأمير سلطان بن عبدالعزيز رحمه الله للموسوعة العربية العالمية انتصاراً للثقافة والفكر، في مشروع لم يكن ليرى النور إلا بيد العطاء، من أمير الثقافة والعطاء سلطان بن عبدالعزيز. يقول رئيس تحرير الموسوعة أحمد الشويخات:"كنت دائماً أرى حضوره في الموسوعة العربية العالمية في بلادنا والوطن العربي والعالم. في عام 1990 كان مشروع الموسوعة منظومة من الأفكار والدراسات الأولية بالتعاون مع جهات محلية، وشركة وورلد بوك World Book، الناشر الأمريكي المعروف، وكنا جميعاً نبحث عن تمويل ودعم لمشروع الموسوعة، وفي عام 1412ه رأى سلطان بن عبدالعزيز أن يدعم مشروع الموسوعة بقرض كريم، ويقف إلى جانب الفكرة للصالح المعرفي والثقافي العام، وأن يهب ما يخصه في المشروع لمؤسسة سلطان بن عبدالعزيز الخيرية". والموسوعة عمل موسوعي ضخم اعتمد في بعض أجزائه على النسخة الدولية من دائرة المعارف العالمية World Book International ، وشارك في إنجازها أكثر من ألف عالم ومؤلف ومترجم ومحرر ومراجع علمي ولغوي ومخرج فني ومستشار ومؤسسة من جميع البلاد العربية. وتوسع في المعرفة ومواءمتها وشمولها مع تحديث للمعلومات، مع الحفاظ على الصدقية والشمول والتوازن، ووجد فيه أكثر من ألف مدخل رئيسي، ونحو 150 ألف مادة بحثية تشمل مصطلحات ومواقع وأعلام وأعمال علمية وأدبية وفنية مرتبة بحسب الألفبائية المعجمية العربية. وسعت الموسوعة إلى تحقيق جملة من الأهداف كتقديم مادة متنوعة متكاملة شاملة، من دون النزوع إلى التعمق المتخصص، في جميع مجالات المعرفة الإنسانية، مع محاولة صياغة المادة بلغة عربية سهلة واضحة ودقيقة، والتوجه إلى أوسع جمهور من مختلف الأعمار والاتجاهات والمستويات التعليمية والثقافية والاجتماعية، وتحري الدقة فيما يتعلق بالدين الإسلامي والأديان السماوية الأخرى، وتحري الإنصاف فيما يتعلق بالعرب والمسلمين وثقافتهم، أو فيما يتصل بشعوب العالم الأخرى وثقافاتها، واستهداف الصدقية والنزاهة والشمول، وتأسيس تجربة علمية حضارية جديدة على الصعيد العربي المعاصر في مجال إنتاج الموسوعات الشاملة الكبرى. وحذف 6071 مدخلاً منها 895 مقالة و2182 عَلَمًا أجنبيًا و 2994 إحالة رئيسية، وكان المقياس في الحذف عدم إضافة هذه المداخل لشيء ذي قيمة إلى المعرفة الإنسانية، أو تقرير معلومات غير محققة، أو تعارضها مع أغراض المواءمة، مع إضافة 3309 مدخلاً منها 584 مقالة و 1603 علمًا عربيًا وإسلاميًا و 45 علمًا أجنبيًا أغفلتهم الموسوعة الأصل و1077 إِحالات رئيسية، واستبعاد نحو 1000 صورة، وإضافة أكثر من 3000 صورة وإيضاح يتعلق أكثرها بما يهم العرب والمسلمين. وحظيت المكتبة العربية - أخيراً - بعد قرون عدة ومحاولات عديدة غير موفقة بموسوعة عامة معاصرة، تقف إلى جانب الموسوعات الأجنبية الكبرى مثل: دائرة المعارف العالمية ودائرة المعارف البريطانية. ويضيف الشويخات:"هكذا كان مشروع الموسوعة نموذجاً عملياً لتعاضد المال والفكر للصالح العام. وكنتُ أقول دائماً - ولا أزال - إن مسؤولية المقتدرين مالياً في دعم الأفكار والمشاريع النافعة هي أساس من أسس التنمية المستدامة لصالح الناس. وبطبيعة الحال، فليس المقصود بالدعم والتشجيع هو الدعم الريعي أو المجاني الذي يبدأ وينتهي بتقديم المال، وليس المقصود تنفيع فرد أو مؤسسة، وإنما يُرجى دائماً أن يكون حجر الأساس في العلاقة بين المال والفكر هو التحفيز والمساندة والموقف التكافلي الاجتماعي على أسس احترافية متعددة ومستمرة الأدوار وواضحة الاشتراطات لصالح الناس. في قصة الموسوعة، كان الأمير رائعاً وهو يوجه، وهو يشكل مجلس إدارة للطبعة التأسيسية الأولى، وهو يقابل رؤساء الوفود الأجنبية التي قدمت مواد معرفية حديثة للترجمة بتصرف إلى اللغة العربية، وهو يقول إن المشروع بكامله من أجل الثقافة والتعليم وإنه ليس مشروع استثمار تجاري، وهو يقف بصرامة وحصافة وبرؤية نافذة في التأسيس لعمل ينفع الأجيال".