يعد التسيب والتغيب في دوام الموظفين بالقطاعين الحكومي والخاص من الأسباب الرئيسة في تعثر مصالح المراجعين إلى هذه القطاعات، خصوصاً القطاع العام، كما يدخل الأمر تحت مسمى الفساد الإداري، وعلى رغم الجهود المبذولة من الدولة لضبط هذه المشكلة والقضاء عليها وإنشاء الأجهزة الرقابية التي من مهامها مراقبة القطاعات كافة، لكن مع ذلك كله فإن تلك الأجهزة الرقابية المختصة لم تتمكن من السيطرة على هذه المشكلة المتنامية في مقابل سبل التحايل والتلاعب التي يلجأ إليها بعض الموظفين ومنسوبي تلك القطاعات، مثل قيام بعض الموظفين بالتوقيع نيابة عن زملائهم، أو التستر عليهم تحت حجج مختلفة. هناك نكتة معروفة في هذا الصدد، إذ قيل إن أحد الموظفين في قطاع ما دأب على إطلاق حجج ومبررات لغيابه المتكرر عن عمله، ومن بين تلك الحجج تبرير غيابه لأيام عدة بوفاة والدته، وبعد أشهر عدة - يبدو أن هذا الموظف قد نسي تلك الحادثة - تغيب أيضاً أياماً عدة عن العمل، وحينما حضر برر غيابه ذلك بوفاة والدته، ولكنه بمجرد أن أُخضع للتحقيق أقنع المحققين بأن ما حدث هو فعلاً حقيقي، ففي المرة الماضية توفيت والدته الحقيقية، أما في المرة الأخرى فقد توفيت من أرضعته. هذا الموظف ما لبث أن تغيب لفترتين أخريين عن عمله، وحينما سئل برر غيابه في المرة الأولى بوفاة والده، ثم ما لبث أن برر غيابه في المرة الثانية بوفاة والده أيضاً، ما جعل مدير تلك الإدارة يبادر بفصله من العمل نتيجة هذه المبررات غير المنطقية، وجاء في خطاب الفصل،"والدتان من الممكن أن يكون هذا، أما والدان، فلا يصدق هذا الأمر!". هذه فقط نماذج لمبررات غياب بعض الموظفين من قطاعاتهم، الأمر الذي ينعكس سلباً على أداء تلك القطاعات، ويتسبب في توقف مصالح المواطنين، ولم تفلح كل وسائل الدوام والضبط في القضاء على هذه المشكلة، لذا فإنني أطالب بضرورة المسارعة في تعميم جهاز مراقبة دوام بصمة الموظفين في القطاعات الحكومية والأهلية كافة. لقد أزف الوقت لتطبيق نظام البصمة وتعميمها، ولكنني أخشى ما أخشاه في الوقت نفسه التلاعب به في حال تطبيقه، كحضور الموظف في وقت الدوام المحدد ووضع بصمته ثم المغادرة مرة أخرى خارج المبنى من باب خفي، ولذلك فلابد أن يواكب ذلك متابعة دقيقة حتى لا يتحايل بعض الموظفين على البصمة نفسها، كما أطالب بضرورة أن يكون المسؤول هو أول من يحضر إلى المكتب وآخر من يغادره، وهذا بالطبع سيقضي على التسيب والهروب أثناء الدوام! ماهر عبدالصمد بندقجي - جدة [email protected]