شكك الناقد المصري الدكتور محمد عبدالمطلب في الدوافع وراء اختيار قصيدة النثير السعودية، لتكون ضيف شرف في ملتقى قصيدة النثر ، الذي عقد أخيرا في القاهرة. وقال، مختلفا مع اللجنة المنظمة وبعض النقاد:إن قصيدة النثر السعودية مازالت وليدة ولم يسمع صوتها بعد بعكس قصيدة النثر اللبنانية واليمنية، والخليجية عموماً". وأضاف:"ربما كان لدى القائمين على الملتقى أسانيد بررت هذا الاختيار". من جانبه، رأى رئيس اللجنة النقدية عضو اللجنة التحضيرية للملتقى الناقد صلاح السروي أن اختيار قصيدة النثر السعودية كضيف شرف"جاء بناء على وجود ظاهرة ملموسة وواضحة ومتحدية، باعتبارها منحى شعرياً طليعياً وترجمة لفلسفة ورؤى ما بعد الحداثة". وأضاف"المدهش هو أن هذه الظاهرة وجدت في مجتمع على قدر كبير من المحافظة، والمدهش أكثر هو أن الجزء الأكبر والفاعل فيها هو جزء نسوي، والأمر مرتبط بظهور أصوات جديدة في مناح أدبية أخرى مثل الرواية، ولدينا مثال واضح هو رواية"بنات الرياض"لرجاء الصانع. أضيف إلى ذلك أيضاً فوز الروائي عبده خال بجائزة البوكر العربية". وأكد السروي أننا إزاء"ظاهرة أدبية وثقافية غير معتادة في المجتمع السعودي... نحن باعتبارنا ممثلين لروح قصيدة النثر أو ننتدب أنفسنا لهذا الأمر نقف بكل تأكيد وراء هذا الاختراق الطليعي الذي ظهر في السعودية". وكانت قصيدة النثر السعودية حلت ضيف شرف على"الملتقى العربي الأول لقصيدة النثر"، وشارك في فعالياته التي استمرت أربعة أيام الشعراء السعوديون فوزية أبو خالد ومحمد خضر الغامدي وبديعة كشغري ومها السراج وعماد مهران وكوثر موسى وريم فهد وميادة زعزوع وسناء الناصر وعبدالعزيز الشريف وأحمد قران الزهراني. "الحياة"التقت عدداً من الشعراء والنقاد على هامش الحدث وسألتهم عن دلالات اختيار السعودية ضيف شرف. الشاعر محمد خضر الغامدي الذي تولى مهمة تنسيق المشاركة السعودية في الملتقى يقول:"المشهد الشعري في السعودية متباين ومتفاوت في تجاربه، لكن أعتقد أنه في الفترة الأخيرة أصبح هذا النص حاضراً بشكل مستقل، وباعتباره مشروعاً له خصوصيته يدعى مبدعوه إلى الأمسيات والندوات". ويرى خضر أن اختيار قصيدة النثر السعودية ضيف شرف الملتقى يرتبط بتبلور هذا النص في بلدنا على نحو مستقل، فضلاً عما تحمله تجربتنا من زخم واختلاف على غير صعيد فني، ويؤكد ذلك أن من يمثلون هذه القصيدة ينتمون إلى أجيال مختلفة، وأنا لا أملك إلا أن أشكر القائمين على الملتقى لاختيارهم قصيدة النثر السعودية كضيف شرف وأتمنى أن يقدم في دوراته المقبلة ضيوف شرف آخرين يمثل كل منهم تجربة متكاملة". يذكر أن اللجنة التحضيرية للملتقى العربي لقصيدة النثر وافقت على أن يكون اليمن وليبيا ضيفي شرف دورته المقبلة. واعتبر خضر أن"من الأشياء المهمة والجميلة التي قام بها الملتقى هو أنه كرم الشاعرة السعودية فوزية أبو خالد التي تكتب قصيدة النثر منذ السبعينات في ظل ظروف صعبة، أولها كونها امرأة، فضلاً عن مركزية الثقافة وطبيعة هذا النص الإشكالي، الذي فشلت تجارب نقدية عدة في مقاربته. النقد يهتم بالجانب التنظيري ونحن لا ننكر أهميته لكنه في النهاية لا يثير إلا إشكالات هامشية حول قصيدة النثر ويبتعد عن الجانب التطبيقي الذي يضيء عوالم هذا النص ومقترحاته الدائمة". واعتبرت الشاعرة والإعلامية مها السراج أن اختيار الملتقى قصيدة النثر السعودية ضيف شرف شيء مهم... وقالت:"على المستوى الشخصي أتاح الملتقى لي فرصة التواجد بين حشد كبير من شعراء قصيدة النثر على رأسهم الشاعر اللبنانى الكبير وديع سعادة، وهذا بدوره يحفز قدراتي ويفتح عيوني على اتجاهات جديدة". واستطردت:"أثار هذا الاختيار في نفسي تساؤلاً أزعم أنه مهم: هل تختلف قصيدة النثر السعودية عن غيرها؟ أنا أرى أن ثقافتها تميزها، فضلاً عن أن شعراءها يحملون فكراً جديداً عن المملكة العربية السعودية التي تتسم بثقافة متحفظة بشكل عام". أما الشاعرة كوثر موسى فاعتبرت أن"اختيار السعودية ضيف شرف يؤكد قوة حضور الشعراء السعوديين على الساحة العربية، وأن التجربة في طريقها نحو الرسوخ في مواجهة الشعراء التقليديين الذين يسيطرون على بيوت الشعر والنوادي الأدبية". وأضافت:"الانفتاح على التجارب الأخرى عبر الإنترنت والبعثات الخارجية ومعارض الكتاب وإفساح المجال أمام أسماء وأعمال شعرية لم تكن متاحة من مثل الشاعرين: نزار قباني وعباس بيضون، أتاح المجال أمام المرأة السعودية، خصوصاً لخوض تجربة كتابة قصيدة النثر". وأشارت موسى إلى أن"كثرة النساء اللاتي يكتبن قصيدة النثر في السعودية ربما يرجع إلى أنها تتكئ على السرد والمرأة بطبيعتها ساردة، إضافة إلى ذلك الوعي الخاص الموجود لدى الأنثى وشغفها الدائم بالاطلاع".