تُدهشني هذه الأخبار المتكررة عن الطاقة والعلاج بها وعن القوى الخارقة والكامنة. ويفاجئني أخي الكبير بأفكاره، وكل يوم بنظرية جديدة. كل هذا بات يؤثر في شخصيتي وكاد يجعل مني تلميذة تستل منه فلسفة الحياة. أخي الذي تجاوز ال30 من العمر يملك حدساً قوياً وقدرة على التركيز تجعله مميزاً بين الآخرين، لافتاً للانتباه، شاداً لقلوب المعجبات. درس الصحافة وعمل في مجالها ونجح وما زالت مقالاته تُحدث ضجيجاً كبيراً كلما نُشرت إحداها في صحيفة. لم يكن يكتب عن الأمور الآنية البسيطة أو القضايا العامة التي تُشغل العامّة! بل كان يسعى بكل ما أوتي من علم وسعة اطلاع وسعة أفق إلى الأمور الغريبة في الكون ويتناولها بالتفصيل. شخص رفع قضية على جنية، وآخر استعمل البخور، وثالث فسر حلماً فتحول إلى واقع. وسرعان ما ينقسم القراء بين مؤيد ومعارض، ويتلقى الرسائل العديدة مادحة وذامّة. كنت ألاحظ بريق فرحه الكبير وبريق الانتصار في عينيه وهو يطوي الرسائل ويضعها في ملفه الخاص الذي راح يكبر يوماً بعد يوم. كان يؤكد لي مثلاً أنّ الإنسان طبيب نفسه، يستطيع بتأثير معين أو عشبة ما أن يزيل المرض ويتماثل للشفاء من دون أن يتناول أي دواء، وعرج على الطاقات الكامنة في الإنسان التي لم يجرِ اكتشافها بعد ولا استخدامها، ليؤكد أنه في حال الاهتداء إليها سيكون نطاق اللا ممكن، وأقنعني بتوارد الأفكار والخواطر وعن ظواهر عدة أخرى وقف العلم عاجزاً أمامها. ذات يوم، قال لي إنّ عمي المهاجر منذ زمن طويل، لم تكن أخباره تبلغنا ولا أخبارنا تبلغه، سيعود إلينا... وعاد عمي فعلاً. ومرة قال إنّ خطيبته ستتصل في هذه اللحظة... واتصلت فعلاً. الكثيرون من حوله كانوا يُدهشون بما يُقدِم عليه وما يتفوه به، حتى انهم باتوا يعرضون عليه مشكلاتهم وهمومهم وأمنياتهم، لعله يجد حلاً أو مخرجاً أو تجسيداً. وحدها أمي لم يُثرها كثيراً مما كان يدور. كانت تتلقى الأحداث ببرود وعدم اكتراث أو تجاوب، الأمر الذي دفعني إلى مفاتحتها أخيراً بشأن ذلك. - أمي أنت الوحيدة التي لم تتأثر بأفكار أخي وما يفعله، أولاً تعنيك مقالاته وأفعاله والضجيج الذي تُحدثه؟ - لا يا ابنتي لا... لا - هكذا يا أمي بكل بساطة؟! - بكل بساطة. أمي المدرسة القديرة الذكية الحكيمة الودودة لم تأخذ بتلك المسائل بل كان لها ازدراء مما يحصل ورأي آخر. كانت تُدرك تماماً أن الإيمان العميق بالله هو ما يصنع المعجزات. فقط الإيمان بالله وما تبقى خزعبلات، وأن الدعاء النابع من أعماق القلب لا بد أن يلقى استجابة الله عزّ وجلّ. هذا كل ما في الأمر... هذا بكل بساطة. يكفيك ما قلت من صدٍّ ومن غزل فأنت ما عدت في دنيا الهوى مثلي كم كنت مخدوعة من قبل يا رجلاً من فضل ربي عليّ لم تصر رجلي [email protected]