يعلم الكثير منا أن الأموال التي تُصرف لمستحق"الضمان الاجتماعي"هي من أموال الزكاة التي تؤخذ"من أغنيائهم وتصرف لفقرائهم"، والهدف كما هو واضح في الأمر الإلهي بناء مجتمع مترابط لا تتخلله الأحقاد ولا يجلله الهوان، فهو حق معلوم وليس فيه منة من أحد. ونحن لو تمعنا في مفردة الضمان لأوحت لنا بالطمأنينة، فهي تعني ضمان العيش الكريم في مجتمع يؤمن أن من حق أي فرد يقاسمه العيش على تراب الوطن أن يتطلع إلى مستقبله بأمان. والأمان يتحقق عندما يكون هذا الضمان شاملاً وم روساً لاختصار الوقت الزمني لمساعدة الأسر المحتاجة للقضاء على الفقر، وهذا لن يتحقق إلا بتطوير هذه المؤسسة أو الوكالة، لا يهم اسمها بقدر ما تهم الآلية التي تسير عليها هذه المنظومة التي تقول إن أهدافها: حل مشكلات الأسر الفقيرة من خلال تقديم الراتب الشهري الذي يحدده عدد أفراد الأسرة المحتاجة للضمان الاجتماعي وهذا مهم جداً. وثاني هذه الأهداف رفع مستوى معيشة الأسرة، ونحن نبحث عن ذلك المستوى لدى تلك الأسر، فلا نرى إلا الهموم المتراكمة التي يرونها غولاً يتهدد مستقبل أطفالهم. وثالثاً، تقديم برامج مناسبة لهذه الأسر لتحويلها من عالة على المجتمع وعلى الدولة إلى منتجة تستطيع أن تعتمد على ذاتها. وهنا نتكلم عن معاناة كثير من الأسر التي يبحث عائلها عن العمل، إذا كان لديها عائل قادر يستطيع العمل، فلا يجده متوفراً بالشكل الذي يستطيعه، فكثير من الشباب القادرين على العمل يبحث عن ذلك العمل الذي يقيه شر العوز أو التسكع في البيت وفي الطرقات فلا يجده، هنا تأتي مشكلة العاطلين عن العمل من الجنسين، وهي مشكلة لا يستطيع أحد أن ينكر وجودها، فهي موجودة وملموسة، والأسر الفقيرة تعاني من وجودها في فضاءاتها الضيقة بشكل أكثر إلحاحاً. وهنا نعود إلى الضمان الاجتماعي وفئاته المستحقة وهي كما هو معلن: الأيتام، والأرامل، والمطلقات، والعجزة، ويقال إنه قد تمت إضافة المهجورة، والمعلقة، وما أكثرهن في هذا المجتمع الذي يتلاعب فيه أناس ماتت في أنفسهم النخوة والمروءة، بمصير سيدات وأطفال ليس لهم ذنب جنوه إلا أن حظهم الأسود وضعهم في طريق أولئك المتجردين من الإنسانية والمعبأين بالأنانية البغيضة، تصوروا رجلاً يتنقل بين أربع نسوة ودخله يعتمد على سيارة أجرة، يوم يكون لديه زبون، ويوم آخر يظل يتنقل بين الحفر التي اكتراها ليدفن فيها آلام نسائه وأطفاله، وليس لديه ما يعوقه، وهناك من يعقد له على نساء أخر لو أحب أن يستبدل امرأة مكان أخرى! نعود إلى الضمان وهي كلمة جميلة وموحية توحي لنا بأن هناك ضماناً للأسر، والأسر تتكون من أفراد عاقلين وقادرين وغير ذلك من الأفراد، وهنا نتساءل عن وجود الفرد القادر على العمل في هذه الأسرة المحتاجة، ولكنه لا يعمل لعدم تمكنه من الحصول على عمل يناسب قدراته، وهم كثر كما نعلم، فماذا عن وضعه؟ إنه لا يحتسب من الأيتام، ولا يوضع من ضمن العجزة. ولا من المطلقات بالطبع، ولكن طبيعيٌ أن له حاجاته الإنسانية. إنه إنسان يأكل ويشرب، يلبس ويتدفأ، فمن أين له بالمال؟ بالطبع من العيب عليه أن يشحذ، فهو شاب معطيه الله العافية، وبالطبع ليس له الحق أن يسرق، فذلك حرام وجريمة، فإذن كيف يعيش؟ لابد أن نفكر في الحال بالضمان الاجتماعي، وهنا سيأتي الرد من مسؤولي وكالة الضمان الاجتماعي، بأن قدرات الضمان الاجتماعي محدودة والفئات تتكاثر! ولأن الأمر كذلك فهنا لابد أن يأتي دور الدولة الضامن، وهو ضخ مزيد من الأموال لهذه الوكالة المهمة التي ستأخذ على عاتقها ضمان معيشة أولئك العاطلين عن العمل حتى يجدوا عملاً يستقلون به عن رعايتها. وهذا حق وضمان لمستقبل مشرق يسعون له. [email protected]