قبل أيام مرت علينا ذكرى عزيزة وغالية وهي"اليوم الوطني"للمملكة، وقبل ذلك كنا احتفلنا بذكرى تأسيس وتوحيد المملكة، ماذا عسانا أن نقول في هذا اليوم، وهذه الذكرى الغالية والخالدة على نفوسنا جميعاً، وكل من يحمل وداً لهذه البلاد، إن الكلمات تزدحم في الرأس وتختلط المشاعر ويعجز القلم عن التعبير واللسان عن الكلام، ومهما قلنا وتكلمنا فلن نستطيع التعبير عن مشاعرنا، ولعلي أبدأ واستهل كلامي وأعبر عن مشاعري كمواطن يتشرف ويعتز بكل فخر بالانتماء لهذا الوطن الغالي، ماذا عساني أن أقول عن الشارع السعودي بكل أطيافه وفئاته وأعماره من الجنسين، ففي هذا اليوم الخالد المجيد، وفي هذه الذكرى العظيمة على أنفسنا جميعاً تجسدت كل معاني الوطنية والانتماء الوطني في شتى أنحاء المملكة، وبشكل لم يسبق له مثيل في تاريخ وطننا الغالي. إننا نتمنى لو أن العام كله"يوم وطني"، وكنا نظن أن ما يجسد الوحدة الوطنية ويرسخها من خلال الشارع أيضاً هو المناسبات الرياضية الذي تظهر فيه المشاعر وتتأجج، وإن كان للوطن منه وإليه وباسم الوطن في كل انجاز رياضي، ولكن هذا اليوم أتى ليعبر وبشكل قوي ولافت وغير مسبوق عن أسمى وأعظم مشاعر الوطنية والانتماء لهذا الوطن العظيم بأهله وبرجاله وبانجازاته التاريخية، حاضراً وماضياً ومستقبلاً بإذن الله، وأكاد أجزم بأنني لم أرَ في حياتي ومنذ نصف قرن التفاتاً ولُحمة وطنية منقطعة النظير في مثل هذا اليوم الخالد في تاريخنا الغالي، وأظن أن الكثيرين يشاطرونني هذا الرأي. إنني كلي ثقة بأن الأعوام والأيام الوطنية المقبلة وذكرى هذا اليوم ستكون أقوى من ذلك بكثير وللأجيال المقبلة، إن الانتماء الوطني والمواطنة الصادقة شيء عظيم، وديننا حث على حب الأوطان، وكأن من يفقد هذا الإحساس وهذا الشعور والانتماء ليس على دين صحيح، وأن هناك نقصاً في إيمانه ودينه. الشعور بالمواطنة والانتماء الوطني وحب الوطن أمر مطلوب وحق مشروع لكل إنسان ولكل الشعوب، غير أنه في هذا الوطن له مذاق خاص وطعم آخر يختلف عن أي بلد آخر، كيف لا وهذه البلاد هي بلاد الحرمين الشريفين، وبها قبلة المسلمين، وتضم بين جنباتها وفي أحشائها أعظم وأطيب ثرى لسيد الخلق وأشرفهم ومسجده"صلى الله عليه وسلم"، ومن هنا فإن قلب ووجدان كل مسلم يرنو ويهفو إلى هذه البلاد وهذه الأرض، أرض المقدسات وأشرف بقاع الأرض، ومن هنا فإن كل مواطن في هذا البلد يشعر بالفخر والاعتزاز بانتمائه لهذا الوطن، وإن كانت هذه البلاد هي بلاد المسلمين جميعاً، وبلاد الإنسانية البشرية، كما أن المواطنة والانتماء يجب أن تكون حقيقية وليست شكلية بالاستقامة والسلوك السوي القويم الذي يأمرنا به ديننا، بالنظام وبالأخلاق وبالأمانة والانضباط والإحسان إلى الآخرين وعدم الإساءة إليهم. لقد كان اليوم الوطني في الأعوام السابقة يمر مرور الكرام، وربما يشعر الكثيرون به أو يسمعون عنه، وربما البعض لا يعرف عنه شيئاً، أما الآن وفي هذه السنة بالذات فإنه ملأ السمع والبصر والوجدان ولامس القلوب كلها، ونحمد الله على ذلك ونشكره ونتمنى أن يديم علينا الأفراح. لا يمكن أن نتصور إنساناً يعيش بلا وطن، وقد عانى الكثيرون من ذلك، فالوطن هو الأم والأب والأسرة، وليس بعد الدين إلا الوالدين والوطن... ومن عز إلى عز، ومن مجد إلى مجد يا وطني. عبدالحميد العبدالله السعدون - الرياض