الغيرة ليست كالمشاعر الأخرى لدى الإنسان، فهي حاسة ذات ميل فطري للغليان والاشتعال من أبسط المواقف، إذا لم يكبح جماحها إيمان أو عقل أو أخلاق، وتنحصر عند المرأة في الجانب العاطفي، والخوف من أن تأخذ مكانها امرأة أخرى، لدرجة أن تتمنى موت زوجها وتتمثل لدى الرجل في مجال العمل وحب الجاه والمال، هذا جزء مما تطرق إليه متخصصون في علم النفس، مشيرين إلى أنها قد تكون أيضاً وسيلة فاعلة لتطوير الذات والارتقاء إذا اتخذت لبوس المنافسة الشريفة. أشار استشاري الطب النفسي الدكتور محمد الحامد إلى أن الهدف من وضع هذه الغريزة في الإنسان هو إحياء الفطرة، بمعنى أن يكون فيه من الطبع الحار لكي يرتقي في البناء والعمل وفي التقدم، فهي الدافع الرئيس للإنسان في تطور هذه الأرض وإعمارها والتنافس بين البشر، لافتاً إلى أن التنافس إما أن يكون بالطرق الصحيحة والمنافسة الشريفة، أو بالوسائل السيئة والطرق غير الشريفة، لتبدأ الغيرة المرضية التي تؤدي إلى خلق العداء والإيذاء والإساءة للآخرين. وقال: «ليس هناك فرق بين غيرة الرجل والمرأة، فالغيرة واحدة، ولكن موضوعها لدى النساء يأخذ المنحى العاطفي إلى حد ما، والمجتمع أراد لها أن تكون كذلك بعد أن وضعها في هذا القالب، أما الرجل فمواضيع غيرته في التنافس والأعمال والثروة والتقدم، وعملية التفاعل تختلف بحسب مستوى الثقافة ودرجة الأخلاق، لافتاً إلى أن الغيرة بين الأزواج قد تكون محببة تدفع للتجمل والإخلاص. من جانبه، أوضح المحلل النفسي ومستشار العلاقات الأسرية الدكتور هاني الغامدي أن الغيرة أمر فطري موجود لدى معظم المخلوقات، وأن الذي يحدد هذا الأمر هو العقل ومستوى استخدام هذه الغيرة، فمن خلال تحليل الأمور بالشكل الصحيح تكون الغيرة على مقدار ما يحتاجه الأمر، مشيراً إلى هناك غيرة على الدين والوطن والمواهب والمحبوبين تكون مطلوبة، ولكن على ألا تتحول إلى سلاح يستخدم لضرب الآخر، أو تمني موته، أو تعذيب الذات، مثل أن تتمنى بعض النساء وفاة الرجل حتى لا يتزوج من أخرى، فتصبح غيرة بمفهوم التملك، أو أن تستنفر شعورياً بالرقابة والشك لكون زوجها يعمل في مجال اختلاط في وظيفة طيار أو طبيب أو غيرهما. وعن غيرة الرجل تجاه المرأة، ذكر أنها تتركز بألا يقبل أن يرى رجال غيره شيئاً من مفاتن الزوجة، فيطالبها بالتغطية والتستر وعدم الخروج والاختلاط، وهذا ليس بسبب أن المرأة أقل فكراً، ولكن لطبيعة الرجل الغيور، لافتاً إلى أنه يوجد نساء لا تسعد بحب زوجها إلا بإظهاره للغيرة تجاهها، وأنه على الرجل ألا يستثير زوجته بالتساهل في التعامل مع النساء الأخريات، لأنه سيتسبب بمشكلات كثيرة تصل إلى مرحلة الدمار أو الانفصال.