سنتان مرّت على زواج ربى، وهي تفتقد «الراحة والسعادة»، بحسب قولها. تعيد الأمر إلى معاناتها «من غيرة زوجها القاتلة»، وتضيف: «لا أستطيع الخروج من المنزل إلا برفقته، ولا أستطيع القيام بأي شيء، بعد توقفي عن العمل، أو استخدام الهاتف من دون علمه. وإلّا يتحول يومي الى يوم نكد عالمي. أصبحت كارهةً الحياةَ... حاولت مراراً الحديث معه ولكن لا فائدة». تعتبر الغيرة شيئاً طبيعياً بين المرأة وزوجها، ولا ضرر بقليل من الغيرة، ولكن في حدود «المعقول»، أمّا في حال زادت عن الحدّ فهي تقلب الموازين، وتؤدي إلى ما لا يُحمد عقباه، وتؤدي إلى الطلاق. يعرّف مختص الإرشاد النفسي والأسري، ومدير «مركز الأعماق للتدريب وتطوير الموارد البشرية»، حمد المحارمة الغيرة بأنها «شعور داخلي يحرك في الشخص رغبة جامحة وملحة لامتلاك الآخر، بحيث يشعر بأنه أحق به وبكل ما يصدر عنه، من أي إنسان آخر وهو شعور محمود أحياناً ومذموم أحياناً أخرى». ويوضح: «الغيرة المحمودة، هي نوع ضروري من أجل الحفاظ على تماسك الأسرة، وضرورة أن يحسب كل زوج حساب الآخر بحيث لا يتصرف أي تصرف فيه جرح أو مساس بحقوق الآخر. أما الغيرة المذمومة، فهي التي تبنى على أساس الظن وليس لها أي مستند حقيقي ما يؤدي إلى حالة مأسوية في العلاقة بين الطرفين، ما يقودهما الى الطلاق الفعلي او العاطفي». ويصف هذا النوع من الغيرة بأنه «يشمل أفراد الأسرة جميعاً، الآباء والأبناء والإخوة والأخوات وغيرهم». ويذهب المحارمة الى القول إن الغيرة ب «حدود مقبولة لها اصول، وعلى الطرف الذي يغار ان يعبّر عنها بطريقة غير مباشرة وليس فيها اتهام بل يظهر حبه للشريك بطريقه مناسبة». ويشير الى ان «كل شيء يزيد عن حده ينقلب ضده، وزيادة الغيرة تجعل البيت بيئة طاردة ليس فيها اي نوع من الاستقرار والاطمئنان، وقد تؤدي الى فعل المحظور وهو الوقوع في شرك الخيانة، للاقتصاص من الآخر الذي أوصل شريكه إلى حالة من الامتعاض والتعاسة من عيشه معه». ويُبيّن أن «للغيرة أسباباً كثيرة بالنسبة للرجل، منها جمال المرأة وتحررها في تعاملها مع الآخرين بخاصه الذكور، وأيضاً التفوق العلمي لطرف على آخر أو المستوى الاجتماعي (الطبقية)، والحب الزائد عن حده من قبل أحد الطرفين، وهذا السبب الذي يفسر به الطرفان دائماً سبب غيرتهم الزائدة». ويضيف ان المرأة «تُظهر غيرتها في شكل واضح عندما يبدأ الرجل بالغياب عن البيت فترات طويلة، ويستخدم الهاتف بطريقة غريبة أمام زوجته، وأكثر ما يجعل المرأة تظهر غيرتها عندما يبدي الرجل إطراء لجمال وشكل نساء أخريات». ويشير المحارمة إلى أن للحد من الغيرة «لا بد من أن يكون هناك حوار هادف وبناء، ونقد مبني على أسس المصارحة في شكل غير مؤذٍ وغير اتهامي ليعيش الأزواج حياة سعيدة فيها حب واحترام». ويعتبر عامر (38سنةً) أن «من الجميل أن يغار الزوج على زوجته، هذا يجعلها تشعر بمكانتها في قلبه وأن تغار الزوجة على زوجها لتشعره باهتمامها وحبها. ولكن في حدود المعقول ومن الضروري أن لا تتحول الغيرة الى هاجس يزرع القلق والتوتر في قلب أحد الطرفين وينقلب إلى شك وعدم ثقة فهذا هو الذي يدمر العلاقة». وكانت ريما (28 سنة) عانت في بداية زواجها من غيرة زوجها القاتلة، وكانت تحسب حساب اي تصرف تقوم به خوفاً من المشاكل ولم يكن مسموح لها ان تقوم بزيارة جارتها الا بإذن مسبق، ولكن مع مرور سنوات على زواجها، تؤكد أن زوجها «انقلب 360 درجة عمّا كان عليه». ويؤكد المهندس فيصل أن «القليل من الغيرة علامة من علامات الحب على ألّا تتحول الى مرض نفسي من الضروري معالجته قبل ان يتفاقم الوضع». وتؤكد أم حسن ان «بناء علاقة زوجية مبنية على اسسس متينة، وتقارب في السن والوضع الاجتماعي والثقافي والاقتصادي بين الطرفين، تؤدي الى تأسيس عائلة متفاهمة يتبادل فيها الطرفان الحب والاحترام، والغيرة المحدودة التي تظهر حب طرف لآخر من دون وجود أسباب اخرى تشعل نار الغيرة المدمرة».