أحسن الرئيس العام لرعاية الشباب الأمير سلطان بن فهد صنعاً حينما طالب رؤساء الأندية الرياضية في المملكة بضرورة تثقيف لاعبيهم، مشيراً إلى إنزعاجه من حالات التشنج التي ظهرت في بعض المباريات من بعض لاعبي الأندية، وفي الوقت نفسه أشاد بقدرة الحكم السعودي وثقته فيه، ولعل هذا التوجيه يعكس اهتمامه وكذا نائبه الأمير نواف بن فيصل بن فهد، على إبراز صورة اللاعب السعودي على أفضل وجه على الصعيدين الداخلي والخارجي. إن تثقيف اللاعبين، سواء لاعبي المنتخب أو لاعبي أنديتنا، بات أمراً ضرورياً بعد بروز بعض الأحداث أخيراً، إذ تصرف فيها بعض هؤلاء اللاعبين بصور غير لائقة ولا تنم عن الروح الرياضية، لأنه وكما يعلم الجميع بأن الرياضة تعني الأخلاق والتسامح، ولعل ما يعزز هذا أكثر وأكثر أن هؤلاء اللاعبين هم سفراء للوطن حين مشاركتهم ضمن منافسات عالمية، ومن هنا فالمطلوب قبل بروز اللاعب كنجم رياضي، مهما كان مستواه، أن يتمتع بروح أخلاقية عالية، إضافة إلى ثقافته، حتى يعطي إنطباعاً محموداً في مشاركاته العالمية لدى الشعوب كافة. إن ثقافة لاعبي كرة القدم اليوم لابد أن تكون ضمن أولويات اهتمام الأندية، وكذا الرئاسة العامة لرعاية الشباب، إذ لا أحد ينكر ما يلعبه المستوى التعليمي والتثقيفي في حياة نجوم كرة القدم، وتأثير ذلك في مشوارهم الكروي وتعليمهم الأكاديمي، خصوصاً كيفية تصرف اللاعب حين وقوعه تحت بعض الضغوطات والأزمات التي قد يعاني منها، لاسيما إذا علمنا بأن بعض هؤلاء اللاعبين أتوا من مناطق شعبية متأثرين بالوسط المحيط بهم، ومن هنا فلابد أن يكون هناك مركز تثقيفي ليزود هؤلاء اللاعبين بكيفية التعامل مع المواقف الصعبة والحرجة، خصوصاً أثناء وجودهم في الملاعب، فضلاً عن تعلم كيفية التحدث مع الإعلام ومعاملة الجماهير كنجم وليس كشخص عادي، وهناك عدد من اللاعبين لا يملكون أي مؤهل علمي، بينما البعض الآخر اكتفوا بالحصول على مؤهلات متوسطة، وآخرون برزوا خلال مشوارهم الكروي، على رغم حصولهم على مؤهلات عليا. قد يختلف البعض معي، ولذلك فالمطلوب هو تثقيف كل اللاعبين مهما كانت مستوياتهم التعليمية والثقافية والاجتماعية، فحينما يلتحق اللاعب بالنادي فإن المطلوب من النادي ألا يكتفي فقط بالموهبة الكروية للاعب بل إن عليه أن يركز على تثقيفه، ويمكن إنشاء قسم متخصص في كل نادٍ لهذا الغرض وتحت إشراف متخصصين في هذا المجال، كما يمكن الاستعانة بأهل الخبرة والكفاءات من أساتذة الجامعات في هذا الشأن. وبحسب رغبة الرئيس العام لرعاية الشباب الأمير سلطان بن فهد بن عبدالعزيز فبالإمكان أن تبادر أنديتنا الرياضية مشتركة بإنشاء معهد يكون الأول من نوعه يهدف إلى تثقيف اللاعبين من خلال دورات متخصصة تستغرق أسابيع عدة، من أهدافه غرس روح الثقافة الرياضية في اللاعب حتى يصبح مثالاً ونموذجاً، وكذا إعداده وصقله ولا يقتصر دور المعهد فقط على اللاعبين بل يشمل إعداد وتأهيل المعلمين والمتخصصين في المجال الرياضي، ورفع المستوى المهني والعلمي للعاملين في هذا المجال، وتقديم المشورة العلمية للهيئات الحكومية والأهلية في المجالات الرياضية، وتبادل الخبرات والمعلومات مع الهيئات والمؤسسات التعليمية والثقافية، المحلية والعربية والدولية، والتعاون معها في المجال الرياضي، وإجراء البحوث والدراسات العلمية، وتنظيم ورش عمل وندوات ومحاضرات في مختلف مجالات الرياضة التي تسهم بدورها في خدمة المجتمع وتنمية البيئة الرياضية، كما يشرف المعهد على منح اللاعبين والإداريين للفرق دورات متخصصة في كيفية التعامل مع الشعوب في حال مشاركة الفريق أو المنتخب في مباريات ومنافسات خارجية، بحيث يتم تزويد اللاعبين بمعلومات عن الدولة المستضيفة وعاداتها وتقاليدها، وكذلك تثقيف اللاعبين بتزويدهم ببعض اللغات الأجنبية حتى يتمكن اللاعب من التخاطب مع بقية اللاعبين من دول أخرى. نلاحظ أن معظم أنديتنا الرياضية، للأسف، تتنافس وتتسابق من أجل كسب اللاعبين من دون التركيز على ثقافاتهم، وبالتالي فإننا نجد نماذج غريبة من اللاعبين في هذه الأندية، بعضهم مشاكسون، وآخرون مصابون بداء الغرور، والبعض الآخر لا يجيد فن التعامل أو التخاطب مع الآخرين، الأمر الذي يسيء إلى الرياضة في هذا البلد الكريم، ومن هنا وجب على الأندية كافة ضرورة التركيز على ثقافة اللاعب أولاً قبل كل شيء. وفي الختام لا يفوتني إلا أن أؤكد بأن كل لاعب هو سفير يمثل بلاده في الخارج، ليس فقط كونه لاعب كرة قدم، بل لأنه مواطن سعودي قبل كل شيء، لذا فإن عليه أن ينقل صورة جيدة ومشرقة عن المملكة حتى ترسخ في أذهان الشعوب كافة، فالرياضة فن وأخلاق ومهارات وليست استعراضاً فقط في الملاعب. ماهر عبدالصمد بندقجي - جدة [email protected]