أعاد أهالي جدة دولاب الزمان إلى الوراء خلال ممارستهم لطقوس ومظاهر العيد، وفضّل صغارهم التسلية بالألعاب الشعبية، والمراجيح الخشبية، على مدن الملاهي الحديثة، ومارس الشبان لعبة المزمار في الساحات المنتشرة في الأحياء العتيقة، وهو ما أسعد الكبار وأعاد ذاكرتهم إلى زمن عاشوه بهدوء، على رغم المنغصات التي فيه. وما إن فرغ الصغار من معايده ذويهم، حتى توافدوا إلى المناطق الترفيهية في المحافظة، فغصت بهم منطقة العيدروس الشعبية وسط البلد، حيث المراجيح الخشبية العتيقة، فيما انتشر جزء منهم على الكورنيش الشمالي، مرتدين أزياءهم الجديدة. وقال العم صالح"يؤجر مراجيح في المنطقة الشعبية"إن العيد يعتبر موسماً له، يجني فيه أرباحاً وفيرة، مشيراً إلى أنه ما إن يقترب انتهاء رمضان، حتى يجهز مراجيحه وألعابه ليؤجرها على الصغار، إضافة إلى ممارسة بيع الألعاب والدمى عليهم. وأضاف صالح: "عرفت منطقة العيدروس بأنها ملتقى للاحتفاء بالعيد من عقود عدة، ولا تزال صامدة حتى الآن، على رغم دخول مدن الملاهي في المحافظة بكثافة". وأكد أنه يشعر أن الأهالي بدأوا يحنون إلى الماضي خلال السنوات الأخيرة، من خلال عودتهم وبكثافة إلى الألعاب الشعبية، مشيراً إلى أنه يحرص على أن يقضي الأطفال على مراجيحه وألعابه أوقاتاً ممتعة. فيما يفضل المواطن محمد الأسمري أن يقضي مع عائلته أوقات العيد على الكورنيش الجنوبي، مشيراً إلى أنه دأب في السنوات الأخيرة على"التخييم"هناك، وإعداد الأطعمة الشعبية كالحنيذ وغيرها. وقال: "لا أذهب إلى الكورنيش حتى يفرغ أبنائي من زيارة منطقة العيدروس، واللعب بالمراجيح الشعبية"، مضيفاً أنه يستمتع كثيراً حين يرى صغاره يلهون فرحين في العيد، مرددين الأناشيد والأهازيج القديمة. وأوضحت أم خالد وهي ربة بيت أنها لا تحب الألعاب الكهربية في مدن الملاهي فهي"من وجهة نظري خطرة ولا تناسب كل أعمار الأطفال". وقالت :"لا توجد فيها أماكن مناسبة للعائلات، فالمقاعد في مكان والألعاب في مكان آخر، بحيث لا أرى أولادي أمامي، ولذلك يلزم علي اصطحاب مربية، ولكن يصر المسؤول عن المكان على دفع تذكرة لها مع تأكيدي عدم مشاركتها في الألعاب". وأشارت إلى أن لديها أربعة أبناء، وكلفة ممارستهم اللعب ستكون عالية، عكس الألعاب المجانية على الكورنيش أوفي منطقة العيدروس التي لا تتقاضى سوى مبالغ زهيدة، لافتة إلى أن الازدحام في مدن الألعاب الحديثة يجبرهن على الوقوف لأكثر من نصف ساعة انتظاراً لدورهم في بعض الألعاب. وتابعت:"كما أننا نعاني في الملاهي الحديثة من الضوضاء والضجيج، ما يجعلنا نعيش حال توتر ويفسد علينا الاستمتاع بيوم العيد، وهذا تماماً عكس الأماكن المفتوحة مثل الكورنيش والحدائق". وفي المقابل، يرى محمود الغامدي أن المراكز التجارية المغلقة ومدن الملاهي الحديثة، أشمل وأكثر أمناً للأبناء إذ فيها أماكن جلوس نظيفة، مشيراً إلى أنها مغلقة ويلهو فيها الصغار باطمئنان. فضلاً عن توافر العديد من الخدمات فيها كالمطاعم. وكان للشبان طريقتهم في الاحتفاء بالعيد في جدة، فما إن فرغوا من أداء صلاة العيد حتى انتشروا في الساحات بين الأحياء القديمة، وشرعوا في ممارسة لعبة المزمار، في جو أخوي شاعت فيه البهجة والفرح.