فراشة جميلة، أبدع الله صنعها، مميزة... حشمتها، أخلاقها تفوق الكل، تحتفظ بأسرارها، تكتم عبراتها، عانت كثيراً، ففي سن باكرة غيّب الموت والدها، فالموت علينا حق، وأصبح الحمل كاملاً على عاتق الأم، ذلك الملاك الحنون، التي ظلت ترعى بناتها وأبناءها بعين العطف وتغدق عليهم الحنان والتربية الحكيمة، وكانت تراعي مصلحتهم وتحرص على أن يكملوا تعليمهم على أكمل وجه، كانت حريصة على ألا ينقصهم شيء، فالحمد لله العائلة ميسورة، ولكن فقدان الأب لا يعوض، لأنه ركن من أركان ذلك المنزل الجميل، كان إحساسها بفقد زوجها رهيباً، وتحاول جاهدة أن تعوض أبناءها عن حرمانهم من أبيهم بشتى الطرق، كانت تهتم بكل صغيرة وكبيرة وبجميع تفاصيل أبنائها وبناتها، وهذا ما جعلهم يتميزون عن أقاربهم، لأنها تخاف الله وتخاف على عائلتها. "الفراشة"هي الأخت الكبرى"شروق الشمس"، تبدع، تحترم الجميع، تتميز في كل شيء، تعليمها وحياتها حتى صداقاتها القليلة تختارهم بعناية، تمتاز باختياراتها، فالمجتمع قاتل لدينا، والعادات والتقاليد مختلفة من منطقة لأخرى، ومن منزل لمنزل، عندما تراها للمرة الأولى تعرف أنها ذات جمال وخلق، تراعي الله فيرعاها، وكذلك إخوتها الأبناء والبنات، لم تُحرم من سفر أو استجمام، أو اجتماع مع صديقات وأهل، ولكن يخنقها من يكون ذا فهم أعوج، فمن الناس من يحكم على المظاهر وهو لا يعلم أن الناس مخابر لا مظاهر، فالجمال والبروتوكول والشكليات وفخامة الملابس لا تعني شيئاً، لأنها كماليات، ولكن قلوب البشر والتعامل بإنسانية راقية واحترام تفرض على الناس احترامها وتقديرها. هذه الفراشة الجميلة تبني في مخيلتها كسر الحواجز للوصول للأفضل، في النجاح العلمي والعملي وعدم تخطي الخطوط الحمر، تبحث عن وظيفة تروي ظمأ طموحاتها للعمل، تكره الخيانة، الخداع، التلاعب، والنكران، والفشل، فراشة اليوم احتارت في تعليم لم يكتمل بسبب غيرة أناس حاقدين يبحثون عن التخريب، ومجتمع مخيف، فالوظائف محدودة وطموحها اكبر من ذلك، لا أحب التطرق للمشكلات العائلية، لأن الجميع يحدث معه ذلك والكل لديه مشكلات، إما مع عم أو خال أو قرابة ما، وذلك للأسف من الحسد والغيرة التي في قلوب البعض، تفكر أحياناً وتبكي أحياناً، وهذا ما أكرهه فيها، تنعزل أوقاتاً كثيرة لتفكر وتعيد النظر في بعض أمور الحياة، وهذا ما لا أطيقه، تفكر في ما أصابها ماضياً، ولم تفكر في مستقبل مشرق، مهما كانت عثراته. أيتها الفراشة نصيحتي إليك ما دامت أمك، أطال الله في عمرها، موجودة، وإخوتك أمام ناظريك، يساندونك فلا تقفي أمام العثرات وتتخبطي، ولا يهزك أي شيء، فأنت إنسان رقيق، لا تحزني على ما فاتك، بل بالعكس هذا يجعلك تكافحين لتصلي لمبتغاك، فالمحاولات ولو لم تصب كلها، لكن تأكدي انك ستجدين الأفضل، لأن الله سبحانه وتعالى لا ينسى عبده مهما كانت الصعاب، فمن تمسك به وتوكل عليه ستفتح له الأبواب في يوم من الأيام. ابحثي وتمتعي، عيشي حياتك لا تجعلي تلك الدمعة ضعفاً، وأنا اكره أن أراكِ ضعيفة، لأن الضعف يولد الهزيمة، وأنا أريد لكِ سماءً واسعة تطيرين فيها، وتثبتين لمن كان يقلل من شأنك انك قادرة على هزيمته بكبرياء وثبات، فهل تعاهدين نفسك بالمضي قدُماً بالبحث والمثابرة والصبر على البلاء، وإثبات نفسك أمام الجميع، فجمال النفس وراحة البال وترك الأحزان والابتعاد عن التفكير السلبي في مجمل الأمور وطهارة قلبك تجعلك تمتازين عن غيرك، فراشة"شروق الشمس"الكل يعيش حياة واحدة، فعيشي حياتك مثلما تريدين. عبدالمحسن سلمان الهويدي - الرياض