تستحق الإشادة والفخر الجهود الجبارة التي تبذلها حكومتنا الرشيدة وقطاعاتها العسكرية والمدنيةكافة، خصوصاً وزارة الداخلية الموقرة وجنودها البواسل، وذلك في الحفاظ على أمن هذا الوطن ومقوماته ومدخراته، وكان التحدي الحقيقي والمحك الصعب التعامل مع آفة الارهاب ومعتنقي فكره الضال... لم نكد نرى دولة أو مدينة على وجه هذه الأرض إلا واكتوت بنار الارهاب، وتجرعت من سمومه القاتلة، التي لا تفرق بين جنس وآخر، أو ديانة وأخرى، بل إن بني البشر في نظر هذه الفئة أعداء ومغضوب عليهم لا يستحقون الحياة ويجب إبادتهم. من المؤسف ظهور اثنين من أبناء الوطن وهما سعيد علي الشهري ومحمد العوفي في وسائل الإعلام معلنين العودة لفلول تنظيم القاعدة، فانتكاستهم الرجعية الخطرة هذه وعودتهما الى طريق الظلام بعدما وجدا النور يدمي القلب ويكلم الخاطر! جهود جبارة ومضنية ومفاوضات مستميتة ومواقف صلبة بذلتها حكومة المملكة في استعادة المعتقلين من ابنائها في معسكر خليج غوانتانامو، وقد نجحت الديبلوماسية السعودية نجاحاً منقطع النظير في استعادة العديد من الموقوفين، وقد كان منهما الشهري والعوفي، ولكنهما فضلا نكران الجميل وسلكا طريق الباطل عن الحق، والخروج على هذه الأمة وولي أمرها وعلمائها الأجلاء، بل الإضرار بزملائهم باقي المعتقلين في"غوانتانامو"ما قد يصعب عملية اطلاق وفك أسرهم. إن هروبهما لا يعني قصوراً أمنياً أو قصوراً في برنامج"المناصحة"الذي تنتهجه وزارة الداخلية، فهناك دول عدة، بل منها عظمى، عملت على محاربة الارهاب بوسائل وسياسات وأساليب مختلفة، ولكن معظم هذه الدول وجدت أن معظم ما اتخذته وفعلته غير فعال، بل في معظم الحالات فاقَم حجم المشكلة وزاد من استفحالها، فلا القنابل الذكية ولا الجنود المدججون بمختلف أنواع الأسلحة استطاعوا إيقافها أو الحد من تناميها. وفي خضم الصراعات وتضارب الجهود اكتشفت معظم الدول، ومنها العظمى، أن هناك تجربة نموذجية للقضاء على هذه الآفة بطرق مختلفة وبأساليب حضارية متطورة، تعجز عنها خبراتهم وسياساتهم المتقدمة كما يدعون. إنها التجربة السعودية في محاربة الإرهاب والفكر المتطرف، إنها بحق تجربة تستحق الفخر من كل مواطن ومقيم على هذه الأرض الطاهرة، بل ملحمة تاريخية يجب أن تتناقلها الأجيال من المهد إلى اللحد. يكفينا فخراً أن بعض هذه الدول التي تدعي أنها متقدمة أرسلت خبراءها وبعض مسؤولي اجهزتها الأمنية والاستخباراتية الى المملكة لدرس التجربة السعودية والاستفادة منها وتطبيقها في بلدانهم، بل إن المسؤولين الأميركيين يشترطون في بعض الحالات على بعض الدول التي تفاوض في اطلاق رعاياها أن يمر ويتلقى هؤلاء المعتقلين برنامج"المناصحة السعودي"، وهذا ما حدث مع اليمن الشقيق. إن الحرب الحقيقية التي خاضتها الأجهزة الأمنية في المملكة كانت فكرية وميدانية، لذا نجحت هذه الجهود، بدءاً بتجفيف منابع الخلايا النائمة والرقابة المالية بحرفية ومهنية عالية على مصادر التمويل، ضربات استباقية لأوكار هذه الخلايا ومن يعتنق فكرهم الضال، تأهيل من يتم القبض عليهم تحت إشراف نخبة من العلماء والمختصين النفسيين والاجتماعيين والتربويين، رعاية أسر الموقوفين رعاية شاملة تمكنهم من العيش الكريم، الشفافية المطلقة في إيضاح الحقائق للمواطن والمقيم، إعادة دمج من يطلق سراحه مع المجتمع وتمكينه من العيش الكريم بتوفير العمل المناسب والحياة الرغيدة، الاهتمام بالجانب الإعلامي والتوعوي في فضح شرور هؤلاء الخوارج وتحصين النشء والمجتمع من شرورهم، وعي وإدراك المواطن والمقيم بفساد وزيغ عقول معتنقي الارهاب مما كان له الأثر في الكشف عن بعض الخلايا، إقامة المؤتمرات المحلية والدولية لدرس هذه الظاهرة الخطرة ومعرفة أسبابها ودوافعها عن كثب، التعاون الأمني مع الدول الشقيقة والصديقة في رصد تحركات هذه القلة. يا وطن بوركت جهود أبنائك المخلصين، وحفظك الله من كيد الخائنين، وعبث المفسدين. يحيى حسين المجهلي - الرياض [email protected]