لم تعد المشاغل النسائية الصغيرة المتناثرة في أرجاء العاصمة عامل جذب للعديد من النساء والفتيات كما في السابق، إذ أخذت مراكز التجميل الكبيرة ومتعددة الخدمات تسحب البساط من تحتها تدريجياً، ما دفع تلك المشاغل إلى الإقفال أو الاتجاه إلى توسيع نشاطاتها بأشكال مختلفة. وجاءت مراكز التجميل الكبيرة في منطقة الرياض كمنافس قوي للمشاغل التقليدية ذات الخدمات المحددة، وانحصارها فقط على التجميل والخياطة، خصوصاً أن حاجات المرأة تعددت وتجاوزت حاجتها عند الذهاب للمركز إلى البحث عن وسائل ترفيهية أخرى. تقول عضو الغرفة التجارية في الرياض، نجلاء اليحيى:"إن مراكز التجميل النسائية في السعودية تعد من أنشط المراكز في منطقة الخليج، بسبب التعداد السكاني وكثرة المناسبات وتطور الوعي لدى السيدة السعودية بأهمية التجميل، وكان محفزها الأول في مواكبة آخر ما استجد في عالم التجميل هو"الانترنت"والقنوات الفضائية والسفر للخارج، كل تلك الأمور غيّرت مفهوم التجميل في السعودية وجعلت المرأة السعودية تهتم أكثر بجمالها، كما أن حجم الإنفاق عليها يزداد بصورة متصاعدة، على رغم الركود الذي أصاب الكثير من المجالات التجارية الأخرى بسبب الأزمة العالمية". ولفتت اليحيى إلى أن المدن الرئيسة سجلت أعلى نسبة إقبال على مراكز التجميل، باحتوائها على نحو نصف عدد مراكز التجميل الموجودة في السعودية، وجاءت الرياض في المرتبة الأولى، تليها مدينة جدة، ثم المنطقة الشرقية،"كان يوجد في الرياض فقط 2000 مركز تجميل ومشغل، وهذا رقم كبير، ولكنه تقلص خلال الفترة الماضية، وأغلقت الكثير من المراكز الصغيرة في بعض أحياء العاصمة الرياض، وزاد التركيز على المراكز الكبيرة التي توفر كل ما تحتاجه السيدة تحت سقف واحد وعلى مساحات كبيرة لغرض التبضع والتصميم، واستحدثت بعض المراكز مكاتب للحجوزات والطيران ومقاهي للكوفي شوب العالمية في مجال القهوة، فأصبحت تمثل ملتقى للسيدات ليوفر كل حاجاتهن". واعتبرت أن المنافسة بين تلك المراكز لاستقطاب السيدات من مختلف شرائح المجتمع، أثرت سلباً على الكثير من المراكز بسبب العدد الكبير الذي يتجاوز 2000 مركز في العاصمة الرياض فقط، وأن هناك زيادة في الإقبال بنسبة تتجاوز 30 في المئة مقارنة بالعام الماضي. وأضافت:"هناك مشاغل صغيرة أغلقت في عدد من أحياء العاصمة بسبب انتشار المراكز الكبيرة والمميزة والتي توفر للسيدة الخدمات كافة التي تحتاج إليها في مركز واحد فقط". متوقعة أن يكتفي خلال الفترة المقبلة بمراكز التجميل الكبيرة بدلاً من المشاغل الصغيرة، مثل ما هي الحال في"التموينات"التي نافستها"السوبر ماركات"ومراكز التسوق الكبيرة وسحبت البساط من تحتها". وأشارت إلى أنها حرصت منذ عامين على أن توفر مركزاً متكاملاً يقدم للمرأة كل ما تحتاجه تحت سقف واحد على مساحة 1200 متر، ليكون بمثابة مركز نسائي يوفر خدمات كثيرة، يضم نخبة من المصممات السعوديات واختصاصيات التجميل، وكذلك يوفر"كوفي شوب"للسيدات، وكذلك مكتباً لتوفير حجوزات الطيران ومكتباً لتصميم العباءات. تقول سيدة الأعمال وصاحبة مركز تجميل نسائي صفاء المنديل:"مع تعقيدات الحياة العصرية، ودخول الكثير من المتغيرات، أخذ مفهوم التجميل قالباً مغايراً، فلم تعد ثقافة التجميل هي مجرد قص الشعر ووضع المساحيق فقط، بل أصبحت السيدات تبحثن عن مراكز وصالونات التجميل الأكثر شمولاً وتعدداً في تقديم الخدمات"، وقالت:"إن بعض المشاغل يكون هدفها ربحياً بحتاً، مجرد دخول الزبونة، وتنفيذ ما تريده، ثم الدفع فقط، خلافاً عن الازدحامات التي تحدث داخل المشاغل"، وتشير إلى أن ما يميز المراكز الكبيرة وجود خدمات جديدة، مثل المساج والتدليك، ووضع الأقنعة المغذية للبشرة، وخلق جو من الهدوء والراحة، إضافة إلى اختيار تصاميم وألوان مميزة تحيط بالمركز من الداخل والخارج كي يكون بيئة مناسبة وفقاً لمقاييس نفسية، وأوضحت المنديل أن تلك المشاريع تدر إرباحاً مضمونة، خصوصاً في ظل الطلب المتزايد عليها، ويجعل صاحبة المشروع تفكر في توسيع نشاط المركز التجميلي، واستقطاب عاملات ذات تخصصات متعددة في مجال التجميل. وتعارض المنديل أن يكون مركزها مكاناً للتجمعات، ولكن بضوابط معينة تم تحديدها. تقول إحدى العاملات في بوفيه مركز تجميل:"منذ افتتاح ركن للقهوة أصبح عامل جذب للكثير من الفتيات والصديقات"، وأضافت:"إن البوفيه يقدم المشروبات الساخنة والباردة، وعدداً من النشرات ومجلات الأزياء التي تقطع انتظار الزبونة، والاطلاع في بعض الكتب في حال وجود ازدحام، بدلاً من الخروج إلى البحث عن مشاغل أخرى". وترى بعض الزائرات ضرورة وجود التلفزيون وبعض القنوات الفضائية لقضاء اليوم، واعتباره بمثابة ملتقى يلبي حاجات الفتاة السعودية، بدلاً من التجول في الأسواق والمراكز التجارية.