إلى محمد العلي أغني، وإما تساءل عني المغنيّ لماذا أغنيّ؟ أغني ... لأني أرى شبهي في الغناء وأغنيتي في كتاب المغنيّ قفا نحمد الله، أن الفتى لم يزل غارقاً في طفولتهِ مثل"نخل الحسا"وعيون"العيون". يقلّب بين اليدين مداخل جنات عدْنٍ، وأنهارَ نارٍ تضيء المدينة، من شارع المتنبي ببغداد حتى ابتسام ِ الخليج، لحي ّ"الدواسرِ" في شارع الحبِ، حين تسلّل في غصّة الليل من وجعٍ نحو آخرَ، من راية ٍ لم تعد شجراً، يانعاً بالعصافيرِ، أو لامعاً كالأساطيرِ، حتى دنى و تدلّى على سعف النخل ِ فاتحةً من رفيف اليمام ِ و"وسمية"من لموع السحابْ. قفا، نحمد الله، أن الفتى عاد من سفر، وأناب ْ إلينا فآنس ناراً بأطراف رمل الجزيرة ِ مترعةً بالحنين و حمى السراب وأسرج أشواقها في "أغاني الكتاب". تساءلت في أول الليلِ كيف أقلّب جمري على قلقي وأجادل ? مستوحشا- متن هذا الكتاب؟ ومن سيرافقني للوقوف على صحوهِ إن بدا، وعلى ظلّهِ إن غدا نورساً في الضباب؟ ومن ذا سيكتب عنّي جنون التأمل في نحوهِ و تراتيلهِ، يوم تدلف روحي إلى عتبات الخطاب؟ ومن سوف يرفع عنّي الملامةَ، إما رأيت الخُطى، والخطأ، لامعين كوجه الصواب؟ وفي آخر الليل ألفيت قلبي يفتش في لغتي عن ملامحهِ فأرى الميم حاء وأُوغل في سفري نحوه فأرى الميم دال. هو الحدُّ والمدّ والشك في المبتدأ، واليقينُ الذي لا يقالْ. شبيهٌ به النهرُ، ضحكته ُ"زرقةٌ طفلة ٌ"، و تباريحهُ غابةُ من سؤال. يشفّ فتشرب"فيروزُ"من كأسهِ، ويقسو فتبدو مفاتيحهُ كمصافحة الطقس للاحتمال. * أغني ، وإما تساءل عني المغنيّ لماذا أغنيّ؟ أغني ... لأني أرى شبهي في الغناء وأغنيتي في كتاب المغنيّ * فيا صاحبي: كم ركضتُ، و أرّقتني: إذا قلتُ"إن الطريق جنوبٌ"، تقود الخطى باتجاه الشَمال و إن قلت ُ إن الصباح َ"يمينٌ" تشيرُ "بأن الصباح شمال"! أغيبُ فتُجهِدُ نجواك في أثري و إن عدتُ أغرقتني في عصيّ المنال. أيا ظمأ ً ضارباً في جذوع الهواءْ ويا حُلُماً نازفاً بالمياهْ أعنّي لأختارَ ما أشتهي من"كتاب المغنّي" أهشُّ به ِ في الصباح ِ على شغف نابضٍ في الفلاة ِ، وأُشرِعهُ في المساء: لرائحة البنّ وهي تطلّ من النافذة تعتّقُها باشتعال الكلام ونشرب صهباءها من يديك. سلاماً .. سلاماً: على مطرٍ نابتٍ في العروق ِ وغيمٍ يسيل على بسمة المائدة ْ. على أفقٍ راعش، تتخلّق منك َ فواتحه ُ ومواجعه ُ وصفاتُ النشيد. على لغةٍ تترقرق كالماء ِ، تُشرَبُ والماءِ، تنحت أعرافها في مسيل الزمان ترفرف كالطير ِ إما تخفّت بحنائها في حرير المجازْ و ترقص في البهو إمّا تجلّت كفاتنةٍ من صبايا الحجاز. سلاماً على ما تبيحُ الكتابة ُ من صمتها، وما يوقد ُ الشمسَ إما شددنا الرحال إليك. "وقوفاً بها"، صاحبي، و سلام ٌ عليها سلام ٌ عليك ْ. الظهران 15 فبراير 2009