تباينت آراء المشاركين في ملتقى قادة الإعلام العربي، الذي انطلقت فعالياته أمس في البحرين، حول أبرز المعوقات التي تواجه الإعلام العربي، إذ ان البعض اعتبر أنه يفتقد ل"المهنية الإعلامية"، فيما اعتبر البعض أنه لا بد من وجود الحرية الإعلامية، قبل التساؤل عن المهنية. ومارس العديد من قادة الإعلام جلداً ذاتياً، إذ وصف الكاتب الدكتور محمد الرميحي الإعلام العربي بال"مختطف"، بسبب عدم المهنية ووجود أجندة مختلفة، محذراً من أن الإعلام العربي يشخص تشخيصاً خاطئاً ويكون مواقف وينقل قناعات خطرة جداً ترتد على واقع المجتمعات. فيما اعتبرت الإعلامية الزميلة بارعة علم الدين، أن الإعلام العربي "عشوائي وسطحي ولديه أجندة واضحة"، موضحة أنه لا يوجد تدريب للإعلاميين على العمل الإعلامي، الأمر الذي ساعد في عدم المهنية، واصفة إعلام المرأة ب"الكارثة" إذ انه يتحدث عن الفن والفنانين بينما المرأة لديها مواضيع أهم وأعمق. وقال سعيد شحاتة، من BBC، ان تناول الإعلام العربي للقضايا التي تخصهم في الغرب تمارس بسطحية شديدة، بسبب النقص في المهنية الإعلامية، داعياً إلى تطويع التكنولوجيا لإيصال صوت العالم العربي إلى الغرب، إذ ان ممارسات الإعلام البديل عربياً لا تزال في مراحل متأخرة. فيما اعتبر مدير عربسات منيف الحربي أنه لا يوجد إعلام حيادي، وليست له أجندة، ولكن يجب أن تكون هناك موضوعية، مطالباً بإيجاد الإعلام المتخصص، اذ ان الأزمة العالمية كشف عن ضعف في الإعلام الاقتصادي. من جهته، أوضح الأمين العام للملتقى الإعلامي العربي ماضي عبدالله الخميس ان الإعلام أصبح الآن سلاحاً استراتيجياً محورياً، قادراً على التفريق كما هو قادر على لم الشمل ينصف الحق ويدحض الباطل - إن أراد ويزيّف الحقيقةَ وينصر الباطلَ إن تمَّ العبثُ به، مضيفاً لن تكون هناك ثمة مبالغة إذا قلنا ان الإعلام الآن بات مؤثراً في رسم السياسات وتوجيه الشعوب متحكماً في الرأي العام. وأوضح أن ذلك يجعلنا دائمي الحرص على ألا يحيد الإعلام عن رسالتِه الحقيقية وأهدافِه السامية النبيلة، بعيداً عن التخبط والاجتهادات الفردية والعشوائية، وبعيداً عن الابِتذَالِ والممارسات الإعلامية الخاطئة التي تفرق ولا توحِد، وتهدم ولا تبني. وقال إن الحريةَ منتهى غايتِنا كإعلاميين، وذروة سنامِ المهنة الإعلامية الشاقة، بكل ما فيها من تفاصيل ومسؤوليات، تقترن الحرية بلا شك بالمسؤولية، فالحريةُ المطلقة هي مسؤوليةٌ مباشرة وقيد كبير يجب على الإعلاميين تحمل تبعَاتِه. ووصف وزير الإعلام الجزائري، عز الدين مهيوبي، الإعلام العربي ب"التقريري" أو ب"الضميري"، بينما يفتقد، طبقاً له، إلى الإعلام "التنويري"، الأمر الذي نتج عدم استطاعتنا الدفاع عن فكرنا وقضايانا، وصار الفرد العربي يتهم بالتحجر والعنف، معتبراً أن المناهج التي تدرس الإعلام "مختلفة ومتأخرة"، وتحتاج إلى إعادة نظر. فيما تساءل نائب رئيس تحرير الأهرام خيري رمضان عن كيفية إيجاد مهنية إعلامية، بينما الإعلام خاضع للحكومات، داعياً إلى وضع صياغة تعنى باستقلالية كاملة للإعلام، يمارس من خلالها مهنية إعلامية، مشيراً إلى أن الإعلام أصبح يلعب أدواراً سياسية أكثر منها مهنية. وتساءلت رئيسة تحرير تشيرين السورية سميرة المسالمة عن قدرة الإعلام العربي على التعامل مع التغيرات المحلية قبل أن تتعامل مع المتغيرات الدولية، داعياً إلى أن يكون هناك إعلام عربي مصنوع ومؤثر وليس متأثراً، معتبرة أنه لم يقدم حتى الآن الكثير لمجتمعاته، وهو إعلام خبري فقط يفتقد إلى المهنية. التكتلات الإعلامية ستسقط القنوات الفردية وشخص وكيل وزارة الإعلام والثقافة الدكتور عبدالله الجاسر بعضاً من عوائق الإعلام العربي، معتبراً أن هناك حاجة إلى وجود هامش من الحرية المنضبطة في الإعلام، حتى يصبح هناك تأثير ويؤدي الإعلام دوره الحقيقي، موضحاً أن هناك نقصاً في برامج التدريب في العالم العربي تسهم في رفع مستوى الإعلام، داعياً الجامعات التي تدرس الإعلام إلى وضع مناهج تلبي سوق العمل الإعلامي، اذ انها بهذا الوضع لم تلبِ حتى الآن سوق العمل. وأوضح أنه إلى الآن لم يتم تطويع التقنية في العالم العربي في ما يخص الإذاعة والتلفزيون، كما طالب بخلق التكامل ما بين الإعلام الحكومي والخاص، إذ ان الإعلام الخاص لديه مسؤوليات يجب أن يتحملها كما في الإعلام الحكومي، موضحاً أن التكتلات الإعلامية بين مجموعات إعلامية ستحدث تغيراً كبيراً وهائلاً في فضاء الإعلام، وربما ستسقط القنوات الفردية، فيما أقر أن التشريعات والقوانين الإعلامية في العالم العربي تعاني من ضعف. وبين الجاسر أن هناك محاولات لتقريب القوانين الإعلامية العربية، تمهيداً لأن يكون هناك تشريع للإعلام العربي، منتقداً ما يحدث في بعض الوسائل التي تجعل من الأوساط الإعلامية مهنة من لا مهنة له، مطالباً بوجود الإعلام المتخصص الذي يقف في وجه العشوائية في العمل.