بعد تصريح رئيس هيئة مكةالمكرمة الدكتور أحمد قاسم الغامدي عن الحكم الشرعي للاختلاط وردود الفعل التي صاحبت ذلك، صرح المتحدث الرسمي باسم الهيئة الدكتور عبدالمحسن القفاري بأن ذلك التصريح لا يمثل الرئاسة التي تعتبر جهة تنفيذية وليست جهة فتوى، وأضاف أن هيئة كبار العلماء هي الجهة الرسمية المخولة بالفتوى، وقد فهمنا من ذلك أن الهيئة لن تضع في حسبانها الأخذ بفتوى الدكتور الغامدي، كما فهمنا ضمناً أن كل ممارساتها تسير وفق فتاوى شرعية صادرة من الجهة الرسمية المخولة بذلك. حسناً، دعونا نستعرض بعض ممارسات الهيئة ونسأل الدكتور القفاري إن كانت تلك الممارسات تستند إلى فتاوى شرعية صادرة من هيئة كبار العلماء، أو على الأقل صادرة من علماء معتبرين، أم أنها مبنية على اجتهادات أفراد الهيئة أنفسهم، الذين قد لا يضاهي تأهيلهم الشرعي تأهيل الدكتور الغامدي؟ بداية أؤكد على أن المجتمع ? أي مجتمع - بحاجة إلى مؤسسة للضبط الاجتماعي تحت أي تسمية، على أن تخضع هذه المؤسسة لقوانين صارمة ولمحاسبة دقيقة نظراً إلى حساسية مجال عملها وارتباطه المباشر بمكونات المجتمع، وفي تقديري أن تصريح القفاري يسير في هذا الاتجاه، فهل يا ترى هذه هي الحقيقة في ما يتعلق بالهيئة من خلال ممارساتها التي نشاهدها كل يوم؟ يؤسفني أن أقول: إن تصريح القفاري كان إدانة للهيئة أكثر مما هو مساند لما تقوم به. وليسمح لي أن أسأله عن بعض الممارسات التي شاهدتها بعيني من أفراد الهيئة، وأتمنى عليه ? وهو المعروف بالتواصل مع الإعلام - أن يفيدني والقراء عن فتاوى هيئة كبار العلماء التي استندت عليها تلك الممارسات. أذكر أنني كنت ذات يوم في أحد الأسواق الكبرى بالرياض، وشاهدت أحد أفراد الهيئة يلاحق امرأة كبيرة السن ويصرخ في وجهها بأن تستر نفسها، مع أنها كانت محتشمة، ما جعلها تتوسل إليه أن يتركها وشأنها، وتخبره بأنها جدة لعشرات الأطفال، ولم ينقذها منه إلا مجموعة من الناس أجبروه على تركها وشأنها. فما هي الفتوى التي استند عليها عضو الهيئة في سلوكه مع تلك المرأة يا دكتور القفاري؟ كذلك فإننا نلاحظ مطاردة سيارات الهيئة للسيارات بسرعة جنونية، وأشك أن هناك مواطناً لم يشهد مثل هذه المواقف، فأين الفتوى الشرعية التي تبيح ذلك يا دكتور القفاري؟ ثم إننا نعلم أن مخالفة سيارات الهيئة لقوانين السير من قطع الإشارات ومعاكسة الطريق تعتبر سلوكاً شائعاً في كل مناطق المملكة، إذ إنني لن أحنث إن أكدت أنني كنت شاهداً على عشرات الحوادث من هذا النوع في مدن مختلفة، فما الفتوى التي يستند عليها أفراد الهيئة في مثل هذا السلوك يا دكتور القفاري؟ لا أريد أن اسرد كل سلوكيات أفراد الهيئة المخالفة لأبسط القواعد الشرعية وأطلب فتوى بشأنها، ولكني كنت أتمنى من القفاري ? وهو المؤهل علمياً - ألا يكون رد فعله هو ورؤساؤه، على رأي الدكتور الغامدي، بهذه الطريقة التي تدين الهيئة أكثر مما تخدمها، لأنهم يعلمون أن الهيئة لو احتاجت لفتوى قبل أن تنفذ أي عملية فإنها ستجد صعوبة في أداء عملها، خصوصاً إذا كانت الفتوى يجب أن تكون من جهة معتبرة. إن المؤكد أن الهدف الرئيس من تصريح القفاري كان الإقلال من شأن الغامدي الذي تمت الإشارة إليه على انه أحد منسوبي هيئة مكة، مع انه يتسنم رسمياً منصب رئيس هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بمنطقة مكةالمكرمة! وختاماً، أقول للقفاري: على رسلك، فالغامدي أدلى برأيه الشرعي كطالب علم، وهذا من حقه أياً كانت جهة عمله، كما أن على منسوبي الهيئة وعلى رأسهم الشيخ عبد العزيز الحمين - الذي أكن له احتراماً عميقاً - أن يدركوا أننا عندما ننتقد أداء الهيئة فإننا نفعل ذلك من باب حرصنا عليها، لا بسبب حقدنا، كما يعتقد معظم المتشددين. [email protected]