قال الله تعالى وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان، إن المتأمل في قوله سبحانه وتعالى يجد أن هذه الآية الكريمة شكلت للبشرية نهجاً كاملاًَ ونظاماً دقيقاً للحياة، إذ إنه سبحانه بدأ بقوله"وتعاونوا..."، إذ إنه أمر إلهي يجسد أشكال الاتصال بين بني البشر كافة، ثم وفي الآية نفسها أمر آخر في الاتجاه المعاكس"وتعاونوا"، وكأن الحياة أصبحت في مجملها، إما أن نتعاون أو لا نتعاون، وكما وضحه ابن خلدون في مقدمته المشهورة أن الإنسان مدني بطبعه، أيپانه لا يستطيع أن يعيش الا مع مجموعة يحاورها ويتبادل معها سبل وطرق المنفعة في الحياة، وكأننا نخلص الى انه لا حياة بلا تعاون ولا تعاون بلا حياة، وهذا امر منطقي وفطري، إذ إننا نجد على مستوى الأسرة، وهي اللبنة الأساسية في بناء أي مجتمع متى ما توفر بين أفرادها مقومات التعاون والشراكة الفعالة، سواء معنوياً أو جسدياً، كلما ارتقت هذه الاسرة وأخذت مكاناً مميزاً في مجتمعها، وعلى النقيض كلما كانت الأسرة مفككة وأفرادها منفصلون روحياً وجسدياً كانت هذه الأسرة موطناً خصباً للانحرافات والممارسات الشاذة في المجتمع. فالتعاون أساساً وركيزة لا يمكن الاستغناء عنها لاستقامة أي مجتمع، فالجسد إذا اشتكى عضو من أعضائه تداعى له سائر الأعضاء بالسهر والحمى. ناصر سالم الرشيدي جامعة الملك فيصل بالأحساء