سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
تعترض على أسماء من يمثلنا ثقافياً في الخارج ... وتستنكر ما فعلته شاعرات سعوديات في الملتقى "الإسكندنافي" . أشجان هندي : الأجواء الثقافية في السعودية ... "غير صحية" !
لم تخف الشاعرة أشجان هندي الحرج الذي سببته لها إشادة الدكتور غازي القصيبي عندما وصفها ب"أهم شاعرة، إن لم تكن في السعودية ففي العالم العربي"، وأصبح السؤال عن هذا الموضوع ينطلق دائماً تجاهها"كرصاصة من دون هوادة وفي كل مكان". وأضافت في حوارها مع"الحياة":"أن الأيام الثقافية السعودية استطاعت أن تكشف لنا كيفية تصور الآخرين عن المجتمع السعودي، إذ يتخيل هؤلاء أننا لا نعدو كوننا مجموعة أناس على"جمال تقودهن حريم متشحات بسواد غير مبرر ورجال تحمل السيوف وترص في جيوبها"المسواك"إلى جانب الأقلام"، وأشادت الشاعرة أشجان بالمستوى الذي بلغته المرأة السعودية، اذ لم يعد للوصاية عليها مجال. وفي ما يتعلق بكثرة مشاركاتها خارج أرض الوطن قالت هندي: أن السبب يعود إلى كثرة الدعوات التي تتلقاها من الخارج مقارنة بدعوات المؤسسات الثقافية في الداخل، كما أكدت عدم تخوفها من كتابة القصائد السياسية، ولكنها تحسب خطواتها في كل طريق تسلكه... فإلى تفاصيل الحوار: كيف نشأتْ أشجان هندي؟ - نشأت كما ينشأ الآخرون، نبتٌ سقاه الله بعنايته، وسخّر له من يرعاه فكانت أشجان. قضايا المرأة السعودية تتناولها وسائل الإعلام العربية والغربية... فما رأيك في هذا التناول؟ - أنا لا ألوم كل هذا التهافت على قضايا امرأة لم تغب عن ساحة العلم والفكر والثقافة أبداً، ولكنها غُيبت مع سبق الإصرار لزمن طويل. للأسف هذا ما حدث مع المرأة في المملكة، ولكني لا أبكي الماضي، ولا أعود إليه إلا للتعلم من تجاربه. كل ما نراه ونسمعه من حراك اليوم في ما يختص بالمرأة وحقوقها وقضاياها يبشر بخير. اليوم في المملكة لا تُرسم للمرأة صورة جديدة مستوردة أو مرسومة تحت أي ضغط، بل ببساطة ما يحدث اليوم أسمّيه إعادة المرأة لصورتها الأولى أو إعادة صورتها الأولى إليها، تلك الصورة التي مثلت بها نفسها قديماً في البادية والحاضرة مشاركة للرجل في كل شيء، متحدثة وحكيمة وواعية ومسؤولة وصاحبة مهنة منذ أن رعت أغنامها قديماً في صحراء الجزيرة. بعض ما تتناوله وسائل الإعلام اليوم عربية وغربية منصف يبحث عن الحقيقة، وبعضه الآخر تمت فبركته بغباء أو دهاء شديدين. الأهم: كيف تتناول وسائل إعلامنا في المملكة المرأة اليوم، وداخل أي نسق يسمح لها بتقديم نفسها وتجربتها، وإلى أي درجة؟ هذا هو الأهم لأن الآخرين سيرونها من خلال المساحة التي ستحتلها أو التي سيسمح لها بالجلوس فيها في وطنها، و"المرء حيث يضع نفسه". إلى أي حد تعتبرين الأجواء الثقافية في بلادنا صحية؟ - بأمانة: لا أراها صحيّة لا في بلادنا ولا في غير بلادنا... وكأن قدر الأجواء الثقافية ألا تكون صحيّة! وكأني هنا أسترجع قول أم كلثوم"العيب فيكم يا فحبايبكم، أما الحب يا روحي عليه...". هل استفدتِ من تجربة شعراء"الثمانينات"؟ - أكيد أنني استفدت سواء بوعي أم من دون وعي. لا يوجد قلم بريء من حبر من سبقوه ولا قلم لاحق له بريء من حبره... لا قلم بريء كبراءة الذئب من دم يوسف. أنا استفدت ولكنني لم أشبه إلا نفسي. استفدت منهم كحالة شعرية وتركت ما لم يرق لي لدى البعض منهم"من مثل عدم الإخلاص للتجربة بالتعلم والتطوير المستمر للذات الشاعرة. للأسف بعض شعراء الثمانينات ركنوا إلى أمجاد أسطورية كحضارات سادت ثم بادت. الزمن لا يرحم من ينام على أمجاده السابقة، وسيمر من أمامه بتحدٍ سافر، وكأنه لم يعرفه يوماً. أنا أدرّس أعمالهم لطالباتي، وأبحث عن جديدهم على الدوام. كيف ينظر الناقد السعودي للشاعر السعودي؟ وماذا قدم الغذامي، البازعي، القرشي، للمشهد الثقافي؟ - البازعي والغذامي والقرشي وغيرهم من نقاد المملكة، جميع الأسماء السابقة خدمت المشهد الشعري في فترة الثمانينات في المملكة وقدمت له الكثير... هناك أسماء شعراء في تلك الفترة صنعها أو لمّعها النقد. من هؤلاء النقاد من هو مستمر في العطاء، ومنهم من ضنّ بعطائه أو تحوّل إلى مشروع آخر... لا أعلم مللاً أم تعباً أم أن الشعر الذي كتب بعد تلك المرحلة والذي يكتب اليوم تحديداً لا يرقى إلى طموحه فلا ينظر إليه كطريدة شعرية تستحق عناء النقد! ولكن أن تكون صاحب مشروع نقدي أدبي يعني ألا تتوقف عن تطوير المشهد الأدبي من خلال نقدك له. وكما تحول الشعراء إلى الرواية فمن حق النقاد أن يتحولوا إلى أي مشروع فكري أو ثقافي يرونه مناسباً. المهم ألا يقفوا متفرجين وإلا فلنغادر جميعاً الثقافة إلى سوق الأسهم. إذاً كيف ترين شعر عبدالله الزيد كنموذج؟ - الزيد من شعراء الثمانينات الذين صالوا وجالوا وتركوا أثراً يدل عليهم. ثم أين هو عبدالله؟ تعرف أخباره؟ أقصد: أخبار شعره طبعاً. أي النقاد السعوديين أنصف أشجان هندي؟ - الدكتور سعد البازعي التفت إلى تجربتي بحرص وتابع تطورها... البازعي ناقد مبدع بروح شاعر. الدكتور عالي القرشي، الدكتور غازي القصيبي، الشاعر الكبير محمد العلي الدكتور معجب الزهراني الدكتور عبد الله المعيقل الدكتورة سعاد المانع الدكتورة فاطمة الوهيبي... إضافة إلى أسماء أخرى تحدثت عن تجربتي كتابة أو شفاهية ومنهم نقاد عرب. أيضا الدكتور الغذامي تناول منذ سنوات بعيدة قصيدة يتيمة لي بتحليل مبدع، أتذكرها... قصيدة بعنوان:"فصل أخير"وكان نقداً أخيراً صمت بعده الغذامي عن تناول أعمالي وواصلت أنا الكلام شعراً. لا ألاحق النقاد ولا وسائل الإعلام... وأخشى أن أقول إنني لا أنشغل بذلك أصلاً. عيني على ما أنجزه، لنا جميعاً أن نمارس كامل حريتنا في أن ننجز وبهدوء، هذا هو الأهم. هل تشعرين بالفعل بأنك أهم شاعرة سعودية كما ذكر الدكتور غازي القصيبي في لقاء سابق له؟ - لأجعل السؤال أكثر اشتعالاً وإثارة"ما قاله القصيبي: إن لم يكن في السعودية ففي العالم العربي! عزيزي: قبل الإجابة عن هذا السؤال الذي صار ينطلق صوبي كرصاصة من دون هوادة وفي كل مكان والذي سأجيب عنه للمرة الأخيرة . دعني أقول للقصيبي: باركك الرب شاعراً ومبدعاً، ولكن: أهكذا أنت محيٌرٌ شاغلٌ للناسِ حتى في رأيك في الشعراء؟ أهكذا هو خالقٌ للضجيج ما تقول؟ أنا أشكر حسن ظنك بشعري... ما يقوله مثلك وسامٌ يسعى لنيله الكثيرون وإن أظهروا غير ذلك... ولكني شاعرة تجتهد وتعمل على تجربتها بهدوء وتثق باختلافها، فقط.. والآن أتريدني أن أجيب عن سؤالك: أريد أن أكون"أشجان"فقط... وهذا يعني تحقيق ما هو أكثر من المطلوب بالنسبة إليّ. سأحاول أن أكذب وأقول: أنا شاعرة تتعثر يجاملها القصيبي من باب الإنسانية، أو ربما طلباً للشهرة تخيل! لو قلت ذلك الغباء: هل ستهدأ العاصفة؟ هل سيرضى الغاضبون؟! لن أقول ذلك، ولكلٍ حريته الكاملة في أن يقول إنني الأخيرة أو الأولى. ولي حريتي الكاملة في أن أرد حين أسأل عن ذلك أو لا أرد. إشارة القصيبي تلك... هل لأنك الشاعرة السعودية ذات المشاركات الخارجية الأكثر بين الشاعرات؟ - ولماذا أنا صاحبة المشاركات الخارجية الأكثر كما تقول أنت؟ أما أنا فلا أعلم إن كنت كذلك أم لا، ولم أقم بعمل إحصاء لعدد مشاركات الأخريات أو الآخرين. صحيح أن لي مشاركات خارجية كثيرة جداً، وأني أُدْعَى إلى مشاركات خارجية منذ مشاركتي الأولى في أبوظبي عام 1996 إلى عامنا هذا. وللعلم ثلاث فقط من كل هذه المشاركات كانت بدعوة من جهة سعودية. أما بقية المشاركات فلا. عرفت في الخارج أكثر مما عرفت في وطني"فتوالت الدعوات دون توقف. ألا تعني هذه الدعوات شيئا، أم أنها تأتيني من معجبين خارج الحدود؟! إنسان بقامة القصيبي"شاعر ومبدع ومسئول أيضاً شخص لو ذكرت اسمه في الصين أو جزر القمر لقالوا لك نعرفه لا يعوّل على مثل هذه الإحصاءات حين يتحدّث عن النوعيّة بل يعوّل على رأيه الخاص المبني على كل ما يشكله اسم القصيبي من معنى. السياسة والشعر تُتَّهمين بخوفك من التطرق لواقع الأمة السياسي من خلال قصائدك؟ - قلت لك إنني لا أخاف ما دمت على حق. أنا حذرة فقط، وأحسب خطواتي"لأن من يخسر هو إما معاند وواهمٌ أكبر يسعى للخسارة أو آخر يرفض التعلم من تجربته أو من تجارب الآخرين. الحياة هي المعلم الأكبر.. دعني أقول شيئاً: أنا أرمي بشباكي - حين أفكر أو أتحدث - في كل مواضيع الحياة ليست صحيفتكم طبعا. السياسة موضوع من مواضيع الحياة، وموضوع ليس نقيّاً ولا بريئاً ويجب أن يكون كذلك"فالسياسي لا يفكر شعراً، وهذا ما ينبغي أن يكون. والشاعر ليس سياسياً في المقام الأول، ولكنه من أهم موجِّهي السياسة. السياسة شيء وتغيير الفكر أو توجيهه شيء آخر. ما يشغلني لحظة كتابة القصيدة هو ما أكونه في نصي... أنا لا أكتب نصوصاً جاهزة ولا تفصيل. إذاً، هو ليس خوفاً... ولي نصوص نشبت أظافرها في شؤون سياسية محلية وغير محلية... ربما لم تُنشر أو نُشرت ولم تفهم. لا أتجنب التابو السياسي... لكني لا أرى الشعر بوقاً لأي واجهة سياسية. الشعر لا يعالج شؤون السياسة بهذه السطحية، ولكنه يعالجها بعمق. حتى أنت عندما تتحدث في قصيدة عن علاقتك بالحبيب أو بالوطن، أو بالآخر أو بالغرب، أو بالمسجد أو بالشارع أو بالفقر والجوع والظلم وعباد الله المسحوقة في كل مكان من أرض الله فأنت تتحدث في السياسة وعنها. السياسة تحشر أنفها في كل شؤونك، شئت أم أبيت. قصيدتك الشهيرة التي ألقيتها في حفلة التكريم التي أقيمت ل"عبدالله الناصر"في لندن والتي نشرتها جريدة"الحياة"أثارت بعض التساؤلات بأن أشجان ستتجه لمدح المسؤولين؟ - أرأيت! مرة أخرى: السياسة تدخل في كل شيء قصدته أو لم تقصده. حتى فهم الآخر لك قد يكون فهماً مسيّساً. فعلاً لقد سئلت كثيراً عن هذه القصيدة! أولاً: هذه القصيدة أهديتها لعبدالله الناصر الإنسان لا عبد الله الناصر المسؤول. ثم: أيدخل في باب مدح المسؤولين مدح مسؤول يغادر أم مدح مسؤول يتسلم منصباً جديداً؟ أنا ألقيت هذه القصيدة في الحفلة التكريمية التي أقيمت للناصر في لندن بمناسبة وداعه كملحق ثقافي للمملكة في بريطانيا لا في حفلة تنصيبه ملحقاً. شيء آخر: هذا الإنسان أديب ومبدع، أي صديق كلمة وحرف وله مواقف تجاهي لا أنساها ولا تأتي إلا من أخ قريب أو إنسان حقيقي... إذاً، أكثير في حقه أن أقول له - وعلى طريقتي - شكراً"فقط لأنه مسؤول؟ غريبة! أنا شاعرة وقد قلت شكراً على طريقتي، قلتها في قصيدة، هذه بضاعتي... الكلمات بضاعتي، ولو كنت صاحبة محل لبيع الورد لقدمت له باقة تليق بإنسانيته، وسأكون حينها قد شكرته على طريقتي أيضاً. ثم ما ذنب الإنسان المختلف في أن يكون إنساناً ومسؤولاً أيضاً؟ أتعلم: لديّ عدد كبير من القصائد غير المنشورة في"الإخوانيات""قصائد مدحت وشكرت وهنٌأت وباركت فيها لأهلي ولأصدقائي في مناسباتهم وأفراحهم... أفي ذلك ما يتنافى مع الصدق أو مع الإنسانية؟ هل وصل الإبداع السعودي عربياً؟ - وصل ونافس أيضاً وبجدارة أو قل بقوة. المبدعون السعوديون اليوم في المحافل العربية أو الغربية يشكلون وزناً لا يستهان به. حتى إن البعض يحاول التقليل من شأنهم خوفاً على أحقيته المزعومة في الريادة في الأدب أو في الثقافة عموماً. الأيام الثقافية ما رأيك في الأيام الثقافية السعودية وأنت إحدى المشاركات فيها؟ - مثل هذه المرايا الثقافية مهم جداً، بخاصة الآن، والآخر يتلقف أخبارنا - كعرب أو كسعوديين تحديداً - بفضول"سواء كان دافعه المعرفة المنزّهة عن كل رغبة في الإساءة والتشويه، أم كان دافعه الرغبة في تكريس الاتهام، أو في تسقط بؤر النقص والتقصير لدينا. تخيل أن البعض ربما يتوقع حضورنا إلى مثل هذه التظاهرات على جمال تقودهن حريم متشحات بسواد غير مبرر ورجال تحمل السيوف وترص في جيوبها"المسواك"إلى جانب الأقلام، والآخر لم يزل يصر على تصديق وهمه بأننا كائنات فضائية هبطت من كوكب مجهول لتزاحم الناس على أرزاقها في كوكب الأرض، لا، وبأننا كائنات لم تعد تزاحم الآخر على رزقه فقط بل بلغت بها الجرأة إلى مزاحمته على الثقافة أيضاً... تخيّل! معقول أننا تجرأنا على مزاحمة الآخر ثقافياً أيضا! كيف تنظرين إلى الآليّة التي يتم من طريقها خروج المملكة الثقافي للآخر من خلال إقامة مثل هذه الأيام الثقافية؟ - تقصد خروج المملكة الثقافي المتأخر. على رغم أهمية اتخاذ مثل هذا القرار بتمثيل المملكة الخارجي ثقافياً، والذي ينظر إليه البعض على أنه قرار شجاع ومتجاوز"وما حصل"بخاصة في ما يتعلق بتمثيل المرأة السعودية في الخارج وتحت مظلة الوطن إلا أنني أراه قراراً عادياً جداً، بل إنه قد تأخر كثيراً. أقول: عادي"لأن لدينا في المملكة عقول وطاقات غير عادية ومنافِسة، فلماذا نتأخر في إيصالها إلى الآخر ممثلة لنا، في الوقت الذي تصل فيه عقول جبارة أخرى وُلدت في هذا الوطن، ولكنها سخرت طاقاتها للتدمير بدلاً من البناء ونجحت في إيصالنا إلى الآخر مشوهين وقتلة ومعتوهين ومتشددين لا تحت مظلة الوطن، بل تحت مظلتها الخاصة؟ شيء آخر: في تقديري، إن الأهم من إقامة مثل هذه الأيام الثقافية هو أن نعمل بوعي على تطوير طريقة أدائنا وعلى التخطيط لما نود تقديمه للآخر فيها."البركة حلوة وكل شي بالبركة حلو"ولكن زمن أن تسير الأمور بالبركة وأن نقيس بالشبر انتهى. لا بد من تكوين لجنة استشارية خاصة في وزارة الثقافة والإعلام تقوم باختيار الأسماء والأعمال المشاركة بعناية وتتولى درس ما سيقدم في كل مرة، وتناقش الإيجابيات والسلبيات بعد كل مرة ننتهي فيها من تمثيل خارجي معيّن. الدكتور أبوبكر باقادر يبذل جهداً كبيراً يُشكَر عليه في العمل على إخراج هذه التظاهرات إلى حيز الوجود وعلى دعمها حينما تولد وتتشكل، وقد لمست هذا شخصياً حين أُوكِلت إليّ مهمة الإسهام في الإعداد لمؤتمر الإسكندرية إلا أن الدكتور باقادر بشر وليس سوبرمان، وإن حاول أن يكون أحياناً. الفعل الجماعي الناضج لا يُعتمد فيه على عقل واحد فقط... هذا ما يقوله المنطق. كشاعرة سعودية... هل تعتقدين أن ملتقى الشاعرات والناقدات السعوديات والإسكندنافيات الذي عُقد أخيراً، كان ذا فائدة للشاعرات السعوديات؟ - بالتأكيد. هذا الملتقى كان ناجحاً إلى درجة مرضية والحمد لله، ودليل ذلك ردود الأفعال الجيدة التي رأيناها أثناء انعقاد الملتقى وبعده. أقصد لدى المشاركات الإسكندنافيات، بل وحتى لدى المسؤولين الإسكندنافيين أنفسهم، وصلتني رسالة شكر وتقدير لما قدمناه بعد نهاية الملتقى من مدير المعهد السويدي في الإسكندرية وقتها يان هننغستون، وعرضت عليّ إحدى الشاعرات المشاركات حينها وهي كريستينا لوجنوهي شاعرة مشهورة لدى السويديين - ولديها مسرح معروف في السويد - أن أقرأ شعري في مسرحها هناك، وطبعاً سعدت بذلك، ليس بوصفي أشجان بل بوصفي امرأة من هذا الوطن استطاعت أن تقول للآخر: نحن هنا، وبقوة هنا. أيضاً"يان"أخذ قصيدتي"بحثًا عن الآخر"لنشرها كما ذكر ضمن فعاليات مصاحبة لمؤتمر عن الحوار مع الآخر منعقد في السويد. أليس في هذا ما يشير إلى أننا نجحنا في إيصال أنفسنا للآخر؟ قد يبدو أنني أتحدث عن نفسي، ليس هذا ما قصدته لأن يقيني أن ما قدمته زميلاتي السعوديات المشاركات قد فاق ما قدمته، واللعبة الجميلة لا يلعبها إلا فريق متكامل، وحدك لن تستطيع اللعب إلا مع نفسك. مرة أخرى: لك أن تتخيل أن المشاركات الاسكندنافيات كن ينظرن إلينا بغرابة تشوبها بهجة راغبة في معرفتنا أكثر، كن يقلن لنا صراحة إنهن لم يتوقعن أن تكون المرأة في المملكة قد وصلت إلى هذه الدرجة من المعرفة والثقافة والانفتاح الفكري على الآخر. كن يتعجبن، وكنت ابتسم بهدوء الواثق في كل مرة يوجّه إليّ فيها سؤال عن"وطن العجائب"الذي أنتمي إليه انتماء مُحِب غير مُجامِل ولا متزلِف لأي مصلحة. بأمانة: لقد احتُفِي بنا جداً في الإسكندرية، وبأمانة أكثر: كنا نستحق ذلك بغض النظر عن بعض الهنات التي صدرت من بعض المشاركات السعوديات والتي تمثلت في تصرفات شخصية غير موفقة وغير واعية تماماً لما نحن فيه وقتها. ماذا تقصدين بالتصرفات الشخصية غير الموفقة؟ ومن تقصدين تحديداً؟ - لا أتحدث عن أسماء بعينها، ولكن هل من المناسب أن تعلو المنبر شاعرة سعودية لتتحدث عن وضع عائلي مؤسف وخاص بها كامرأة في المملكة وهو لا يمثل جميع النساء ولا جميع العوائل لدينا. أن تشكو أنها مسلوبة الحقوق مقيدة الإرادة إلى حد محزن وجدير بكسب التعاطف؟ وأنا أسأل: لو كانت بالفعل متضررة من وضع اجتماعي متشدد إلى هذه الدرجة... كيف مارست حقها الطبيعي جداً في الخروج من المملكة والمجيء إلى الإسكندرية بمفردها أقصد من دون عائلتها لتمثّل وطنها في الخارج؟! كانت تتحدث وكنت أرى إحدى المشاركات الاسكندنافيات تقاوم دموعها. أهكذا نقدّم لتجاربنا الإبداعية على المنابر؟ أعلم أن ما شكت منه الزميلة واقع مؤسف تعيشه كثير من النساء في المملكة، وأجزم أنني لا أدعو إلى الكذب ولا إلى تزييف الحقائق، ولكن لكل منبر مقاله. ومثل هذه الأوراق المبكية يجدر بها أن تناقش في مؤتمر يُعنى بحقوق المرأة أو في جمعية لحقوق الإنسان لا في ملتقى ثقافي شعري نعقده مع آخر يجهلنا تماماً ولو قلنا له إننا نطير على عصي سحرية في المملكة لصدقنا. عندما تنقل صورتك للآخر كن منصفاً مع نفسك أولاً، كن واقعياً ولا تزيّف أو تجمّل بل كن منهجيّاً واحرص قدر الإمكان على الربح لا على الخسارة. في الداخل اكشف عن كل ما هو خاطئ ومؤسف قدر ما استطعت رضي من رضي وغضب من غضب ما دام همك هو البناء لا الهدم. مثال آخر: هل من المناسب أن تشعل شاعرة أخرى مناوشات كلامية مع زميلاتها أمام الآخرين؟ أو أن تحرص أكثر المشاركات السعوديات - إلا من رحم ربي - على عدم احترام مواعيد الملتقى للتأكيد على الهوية العربية والانتماء السعودي تحديداً. هذا ما لا أقبله، وهذا ما أسميه تصرفات غير موفقة وغير مسؤولة. لماذا يحرص الغربيون الألمان - الإنكليز على دعوة العالم العربي ضيف شرف في معرض الكتاب 2004 بفرانكفورت و2008 في لندن؟ وهل نجح العرب في مشاركاتهم تلك؟ -"لأنهم أناس يفهمون"وليكن وراء حرصهم على ذلك ما يكون. المهم أن هناك انشغالاً بالآخر مهما كان يعني لهم ذلك الآخر. أما نحن فللأسف مشغولون بأنفسنا حد التشبّع"لا ندعو أحداً ولا نركز إلا على بعضنا البعض كعرب، بل وحتى إن دُعينا بضم الدال فإن معظمنا يلاحق بعضه البعض ويبحث عن بَني جنسه لتشكيل"لوبي عربي"خاص داخل تلك المهرجانات"لوبي يرفض الاحتكاك بالآخر... لماذا أتيت إليه إذاً؟ لكي يشاهدك أبناء قريتك في التلفزيون وأنت في ديرة الإنكليز أو الألمان، أم لتنعم بمساحات من الحرية ولو لأيام معدودة. عموماً: هذا لا يعني أن الجميع يتصرف على هذا النحو، وأن الجميع لم يُفد من وجوده في تلك المعارض. كيف تنظرين إلى مشروع خادم الحرمين الشريفين للابتعاث؟ - مشروع مهم جداً، لست أنا وحدي ولا الطالبات والطلبة المستفيد منه. ليس الوطن كله من يشكره - حفظه الله - عليه، بل يشكره عليه الوعي، والمستقبل الذي ستعيشه المملكة وهي تجني في كل المجالات ثمار مشروع تعليمي بهذا الحجم. صدقًا، يحدث وأنا خارج المملكة أن ألتقي مثقفين وأدباء وشعراء من جنسيات مختلفة، وفي كل مرة يأتي فيها الحديث عن المملكة والتعليم كانوا يشيدون بالإنجاز الذي تحققه المملكة في مجال التعليم العالي، والابتعاث تحديداً، وللعلم، حتى غير الراضين منهم عنّا تماماً أجدهم يتفقون مع الآخرين حول هذه الجزئية. كيف ترين تسارع الجامعات السعودية في تغيير مناهجها؟ - يحاولون سريعاً تحقيق ما يجب أن يكون. لست مع التغيير السريع غير المدروس على نحو كافٍ فلا يصمد طويلاً ما يُبنى على عجل! أقصد: هذه السرعة في جاهزيتهم لتغيير المناهج تعني أنهم كانوا مستعدين من قبل بالمناهج البديلة الجديدة. والسؤال: إن كانوا جاهزين على هذا النحو السريع... فلماذا لم يغيروها من قبل"أكانوا بانتظار شيء ما؟! هذا التسارع الذي أشرت إليه في سؤالك سيحيل حتماً إلى هذا التساؤل. سيرة ذاتية - حصلت على درجة الدكتوراه من جامعة لندن عام 2005 "كلية الدراسات الشرقية والأفريقية -SOAS". تعمل حاليّاً أستاذاً مساعداً في قسم اللغة العربية وآدابها في جامعة الملك عبدالعزيز في جدة. - عملت لمدة عام مرشدة أكاديمية متعاونة في الملحقية السعودية التعليمية الثقافية في لندن 2006... - أستاذة مادتي الأدب العربي الحديث والأدب السعودي ومادة الأسلوب وتحليل النصوص. عضويّة اللجان - رئيسة اللجنة الثقافية بقسم اللغة العربية وآدابها لعام 1429-1430ه 2008-2009، ورئيسة لجنة العلاقات العامة بقسم اللغة العربية وآدابها لعام 1428-1429ه. - عضو لجنة إعداد خطة مستقبلية للابتعاث بكلية الآداب في الجامعة لعامي 1428-1429ه و1429-1430ه. وعضو لجنة برنامج الماجستير الموازي بقسم اللغة العربية لعامي 1428-1429 و1429-1430ه. وعضو لجنة ملف المادة بكلية الآداب في الجامعة لعامي 1428-1429ه و1429-1430ه. وعضو لجنة مؤتمر الملك عبدالعزيز الأول للدراسات اللسانية والأدبية في جامعة الملك عبدالعزيز، الذي سيعقد في عام 2009. المؤلّفات -"للحلم رائحة المطر"ديوان شعر صادر عن"دار المدى"في سورية عام 1998، وأعيد طبعه في"دار الفكر"في سورية عام 2004. و"مطر بنكهة الليمون"ديوان شعر صادر عن نادي الرياض الأدبي عام 2007. و"وغيومِ أبكارا"ديوان شعر قيد الطبع. إضافة إلى دراسة نقدية بعنوان"توظيف التراث في الشعر السعودي المعاصر"من النادي الأدبي الثقافي في الرياض، عام 1996. وترجمت بعض قصائدها إلى اللغات الفرنسية والألمانية والإنكليزية.+ من يصدق أن شاعرات وشعراء كانوا "يُكَفَّرَون" في خطب الجمع ! عند سؤالها بحكم تدريسك لمادتي"الأدب العربي الحديث"و"الأدب السعودي"... هل تتوقفين عند تجربة شعراء الثمانينات في المملكة أم تخشين الخوض فيها؟ تقول الدكتورة اشجان :"أتوقف طبعاً وبالتفصيل ولا أحجب علماً كما يقتضي مني ضميري وعملي كأستاذة. ولماذا أخشى: أليس من يكتم علماً متهماً؟ فكيف يكون من ينشر علماً متهماً أيضاً؟ وكيف لي أن أحجب مرحلة مهمة ومؤثرة في أدب المملكة؟ ولكني أتحدث عنها اليوم وكأنها جزء من ماضٍ بعيد وهي ليست كذلك بالطبع زمنياً". وتضيف :"من يصدق أن شاعرات وشعراء ونقاد كانوا يكفّرون على المنابر وفي خطب الجمعة؟ وأن كتباً كانت تصدر وتنشر وتوزّع على أرفف المكتبات في المملكة للنيل منهم، بل وللتحريض عليهم؟ تلك الأسماء اليوم تكرّم وتمثّل المملكة في محافل عربية وعالمية". وتتسأل اشجان"لا أجدني اليوم جريئة عندما أتوقف بتلك المرحلة... لأن الأمور قد تغيرت كثيراً لدينا، أقصد للأفضل طبعاً. أكون صريحة معك أكثر ربما لو كنت أستاذة في تلك الفترة لفكرت مرتين قبل أن أتحدث عنها. ولكني كنت سأتحدث أيضاً ولن أكتم علماً". وتتابع:"الجرأة والذكاء لا في أن نتحدث، بل في كيف نتحدث في كل زمان ومكان... الفوضى والصراخ والرؤية الأحادية المتشنجة والبعد عن المنهجيّة لا تثمر إلا مزيداً من الخسائر وضياع الحقوق والأهم من ذلك ضياع العلم". وحول تفسيرها لطغيان الرواية كجنس أدبي الآن على حساب بقية الأجناس الأدبية تؤكد:"ستُبدي لك الأيامُ ما كان خافياً... كل جديد يأخذ وقته الطبيعي في الفوران، الفوران مرحلة زمنية يتبخّر فيها الكثير ويبقى الحقيقي فقط. أنا أتعجب حين ظهرت القصيدة القصيرة جداً، أو ما يسميه البعض قصيدة الومضة أو الفلاش. تلك القصيدة التي قد تتكون من سطر واحد فقط" فسر لنا النقاد ذلك بأن عجلة الحياة المتسارعة التي نعيشها فرضت هذا اللون من الكتابة". وتزيد في السياق نفسه:"أنا أتساءل الآن وقد مرت سنوات على ظهور هذا النوع من القصائد، وقد أصبحت عجلة الحياة أكثر تسارعا: كيف يجد إنسان اليوم الوقت الكافي لقراءة رواية في مئتين أو ثلاث مئة صفحة؟!... هذا ما أفكر فيه تحديداً لا الطغيان الكمي وليس الكيفي للرواية على حساب الأجناس الأدبية الأخرى".