كم يشق علي أن اكتب اليوم عن فقيدنا الحبيب إلى قلوبنا الأخ خالد بن عبدالمحسن الجيعان"رحمه الله"، الذي كان بالأمس القريب بيننا يزرع البسمة في وجوه زملائه في إدارة العلاقات العامة بالجمارك، ويغرس الحب في أرجاء العمل، ويملأ الدنيا حماسة وحيوية. رحل خالد تاركاًَ خلفه فراغاً كبيراً... وجمت الأوجه فزعاً لخبر مماته، واعتصرت القلوب ألماً لفراقه... كان ولا يزال قريباً من قلوب إخوانه ومحبيه، ما زاد وطأة الألم وجعل الأمر محزناً لدي هو اتصاله المفاجئ قبل وفاته بساعات بغرض الاطمئنان على الزملاء وطلب السلام عليهم! قبل أن يصل إلى جمرك الرقعي، الذي انتدب إليه قادماً من الكويت، وافته المنية وهو حامل ملابس العيد في سيارته ليتزين بها في يوم الفرح، إلا أن سيرته العطرة وخلقه الرفيع وإيمانه بربه كفيل بأن يزينه في قبره. خيم الحزن على جميع من عرفه، بعد أن قوبل الخبر بتكذيب أول الأمر لشدة وقعه، حتى أن أحد العمالة التي كان يغدقه خالد بكرمه الحاتمي ودماثة خلقه لم يستطع إكمال مهمة العمل التي أوكل إليه، وأبت يده مواصلة ذلك بعد أن انهمرت الدموع من عينيه لشدة وقع المصيبة... سيفقد أطفال عائلته حلوى العيد وهدايا النجاح والألعاب الترفيهية التي كان يستأجرها خالد لإسعادهم بعد كل عام دراسي أو عيد موسمي، تحفيزاً ودعماً لنجاحهم... كان خالد مخولاً بأن يضع اللافتات التي تخبر بوفاة زملاء العمل وذويهم، حتى انضم إلى ركابهم وجاءت اللافتة غصة في حلوق محبيه. كان له عمل خيري يقوم به في السر، إذ لم نعلم أنه كان يقوم بإفطار العمالة الوافدة بشكل يومي، ويهدي الأجر لوالده إلا بعد وفاته، لكن الجميع يشهد بسخاء روحه وحبه لمساعدة الآخرين، إذ كرس معارفه لخدمة زملاء عمله وإنجاز ما يتعسر عليهم، ويشفع لمن أراد أن يحضر دورات وظيفية عند المعنيين بالأمر، نظراً لمحبة الجميع له، كما كان له دور في توظيف أكثر من زميل في المصلحة... طيب معدنه ونقاء سريرته جعلت منه مثالاًَ يُحتذى ونبراساً يُقتفى وقدوة للعاملين، إذ يحمل بين ضلوعه قلباً لا يعرف الغل ولا الحسد على أحد. بحكم قربي منه وجدته وفياً لنفسه وأهله ولعمله. عزاؤنا الأول والأخير لوالدته التي كان يتفانى في خدمتها وتلبية طلباتها، ويقدم الغالي والنفيس من اجل إرضائها، إذ كان يتصل عليها في العمل للاطمئنان على صحتها، وكان يتحمل المشاق ويقوم بالأعمال المضنية بدقة متناهية لتوفير سبل العيش الرغيد لأسرته، إلا أننا نقول"لله ما أخذ وله ما أعطى وكل شيء عنده بأجل مسمى". رحلت يا خالد... إلا أن الروح ستبقى تلهج بذكراك... يقول علي بن أبي طالب رضي الله عنه:"عش ما شئت فإنك ميت، وأحبب من شئت فإنك مفارقه". نسأل الله أن يتغمد الفقيد بواسع رحمته، وأن يسبغ عليه وافر كرمه وأن يجمعنا به في مقعد صدق عند مليك مقتدر. عبدالله بن صالح الخربوش - الرياض المدير العام للعلاقات العامة بالجمارك