لم تبق حارة عُمانية لم تحتفل ببطولة خليجي19، وقبل أن يصفر الحكم الأوزبكي رافشان معلناً انطلاقة البطولة كان العمانيون يتحدثون عن الثالثة الثابتة، تلك أمانيهم منذ أن عاندهم الحظ في الدوحة قبل أربع سنوات حين أطاح نجمهم عماد الحوسني بضربة الترجيح في القائم القطري، وقبل عامين حين أطاح بالأحمر النجم الإماراتي اسماعيل مطر، إذ خسر العماني المباراة الوحيدة في خليجي 18، لكنها الخسارة التي ذهبت بالحلم للمرة الثانية. انتظر العمانيون البطولة أن تحل بأرضهم، وأحلامهم ليس لها سقف، ومحفزاتهم في هذه المرة كبيرة: اعتادت البطولة أن تبتسم لأصحاب الأرض في المرتين السابقتين، وخطفت منهم اللقب من أجل عيون المستضيفين، وفي هذه المرة هم أصحاب الضيافة، والحاصلون على الوصافة مرتين، ولا يريدون لقب الوصيف للمرة الثالثة بل يريدونها عمانية خالصة، وحق لهم ذلك بعد الإبداع الكروي الذي قدموه على المستطيل الأخضر، وبعد الإبداع الجماهيري الذي لم تعرفه عُمان في تاريخها. ومع المطر الذي بشّرهم بموسم صيفي قادم، إذ طلع النخيل بدأ خصباً، ومع الحلم بأن الاستبشار جاء مع نعمة السماء، فإن اكتمال الفرحة العمانية يحتاج إلى كأس البطولة الخليجية، واحتضانه للمرة الأولى، مؤكدين أن من يزرع يحصد، ومن يمتلك طول البال من البناء سيجد الفرح لا محالة، ومنذ المركز الرابع في نهائيات كأس العالم للناشئين المقامة في الإكوادور تحولت المنتخبات العمانية إلى رقم صعب، وقد كانت محطة استراحة الفرق ومطمع المهاجمين ليتحولوا هدافي البطولة عبر بوابة المرمى العماني. لم يكن من المبالغة حينما يقول معلق رياضي أن عُمان تتنفس كرة قدم، النساء اللاتي عملن في خياطة الأعلام ولافتات المحبة للأحمر، والأطفال الذين زينوا دراجاتهم الهوائية بعلم بلادهم وألصقوا كل ما يشير لمنتخبهم ونجومه، وكبار السن الذين يتسمرون أمام الشاشات انتظاراً لمباراة الأحمر العماني، وكل شرائح المجتمع اجتمعت على شيء واحد هو كرة القدم وتشجيع المنتخب الوطني، والسير في مسيرات حاشدة في كل قرية بعد كل فوز يحققه المنتخب وقد عودهم منذ سنوات على ذلك، حتى وهو يخسر صافرة النهاية. في كل مباريات المنتخب العماني فإن المدرجات كاملة العدد، ومن ينتظر وراء أسوار الإستاد أكثر ممن حصلوا على فرصة الدخول، وقبل ست ساعات من انطلاقة المباراة تزدحم الطوابير أمام المداخل ... تلك المنشطات الجماهيرية رآها اللاعبون السر السحري للتفوق على أي منتخب.. ويحلمون وفق مقولة يرددها الصغير والكبير بأن"الثالثة ثابتة". وعلى رغم القلق من مواجهة الأخضر السعودي إلا أن التفاؤل العماني ليس له حدود، يقولون أن من يريد الكأس عليه أن لا يخشى أحداً، وثقتهم في منتخبهم عالية جداً، يعترفون أن مواجهة اليوم صعبة للغاية، فالسعودي فريق كبير، ولديه خبرة النهائيات، فيما الضغط على الأحمر العماني أشد لأنه مطالب بالكأس بعد أن فقدها مرتين، وفي كامل لياقته البدنية والروحية فإنه لا عذر له في التفريط بلقب كروي إقليمي، لا زالت أرففه خاوية منه، حتى وهو المستقر على مستوى جيد جداً لا يزال يقدم فنونه منذ خليجي 17، لكن من يأمن للمستديرة وهي تطلق جنونها وسحرها، ومن يأمن من المنتخبات الكبيرة التي وإن غفت قليلاً سيوقظها تاريخ من البطولات. [email protected]