عزيزي الصائم لا تغضب في رمضان، بل لا تغضب في غير رمضان أيضاً، فوصية النبي - عليه الصلاة والسلام ? الخالدة لا تغضب! أعلمُ علم اليقين أنك واقع بين مطرقة الجوع وسندان العطش، وأن حرارة القيظ تغلي بصدرك الغيظ! ولكن لا تغضب، وابعد من هذا، ارفق بأهل بيتك، خصوصاً عند الإفطار، لأن صائماً فقأ عين امرأته حينما تأخرت عليه بالحساء! وآخر طعن كتف زوجته بالسكين عندما دوى صوت مدفع الإفطار مؤذناً بدخول وقت المغرب، ربما نقله صوت المدفع إلى ساحة المعركة، فلم يجد أمامه غير زوجته التي احتملته ردحاً من الزمن، ليسدد لها فاتورة الشقاء. الصوم عبادة عظيمة تقتضي ضبط النفس تماماً، وعدم الانسياق أمام استفزاز الآخرين، فإن اضطررت إلى الاحتجاج على تجاوز المخطئ، فلا أقل من رفع شارة النصر أمامه: إني صائم. وكثيراً ما يفتعل الصائم العصبي خيوط الشجار كيفما اتفق، في الشارع بسرعته المفرطة، أو بنفير مركبته المزعج غير المنضبط، أو بطريقة تعامله مع الناس في الإدارات الحكومية، ولا يكتفي بهذا، فبعدما ينتهي من إدارة معركته المصيرية في الشارع، يحاول قدر استطاعته نقلها برمتها للبيت أو للمسجد، ففي المنزل يفرض طوقاً أمنياً حول غرفة النوم على وجه الخصوص، أما في المسجد، فيستولي على مكانٍ مخصصٍ لاثنين، وربما ضايق الكل وضايق نفسه لأنه صائم. استوقفني شعار ضخم رفعته إدارة مطعمٍ من مطاعم مدينة الرياض يقول: ابتسم أنت في رمضان! وما أجمله من شعار، نحن بحاجةٍ إلى هذه البسمة الحقيقية غير المصطنعة، لأننا في رمضان، الشهر المرتبط بالجود والخير والمغفرة والعتق من النار، وتصفيد أبالسة الجن. وبالضد من هذا الشعار الجميل لذلك المطعم المبتكر، هيأ مطعم صيني لزبائنه حق البكاء لا على الأطلال، فلا أطلال هناك، بل على الانتكاسات التي يمنى بها المواطن الصيني، من إخفاقات في العمل، وضغوطات حياةٍ، ويأس من مواصلة المسيرة، فجاء في إحدى الصحف الخليجية ما نصه: في سابقة تعد الأولى من نوعها، افتتح في شرق الصين مقهى جديد، يتيح لرواده التعبير عن حزنهم بالبكاء، مع تقديم أفضل المشروبات للزبائن الذين يأتون للبكاء. ويوفّر المقهي للزبائن، بحسب ما ورد بصحيفة"الراية"المناديل، وزيت النعناع لتخفيف آلامهم، كما يقدم البصل والفلفل الأحمر لمساعدة الذين يرغبون في ذرف الدموع. وتعزف في المقهى الموسيقى الحزينة تجاوباً مع مشاعر الرواد، ولإضفاء جو من الحزن على المكان. ويذكر أنه حقق نجاحاً كبيراً منذ إنشائه، ويجتذب أعداداً كبيرة من الزوار والمكتئبين يومياً! أخي الصائم، ابتسم أنت في رمضان. +