تخفي ازدهار الفارس الثياب المزركشة، التي تطغى عليها خطوط الموضة العصرية،"فنحن في شهر رمضان، وهذا الثياب لا تتناسب مع روحانية الشهر"بحسب قولها. وفي المقابل، تخرج من خزانتها الجلابيات الشعبية ذات النقوش والرسومات الهادئة، التي تبعث الارتياح والشعور بالروحانية. كما أنها تفكر ملياً قبل شرائها، فالألوان عامل رئيسي في مدى تقبلها لارتدائها من عدمه. وتقول:"في رمضان ابتعد عن الموضة، واترك كل ما يشغلني عن أداء العبادات، وارتدي الجلابيات الشعبية ذات الطابع التراثي". الجلابيات ذات الحشمة التي تخلو من الألوان الصارخة وقطع الشيفون وغيرها من الاكسسوارات البراقة والمتدلية، تختفي على حساب ظهور الجلابيات"العملية"، التي يكثر انتشارها في الأسواق أثناء شهر رمضان، إلا أن للأولى أيضاً حضوراً بسيطاً، ولكن بعد غروب الشمس وتناول طعام الإفطار، وأثناء اللقاءات النسائية. وترى كثير من النساء أن لكل زمان ومناسبة زياً يناسبهما، ويليق بهما، ورمضان موسم الجلابية. فيزداد الطلب على الجلابيات في الليالي الرمضانية، وأثناء الزيارات العائلية والمناسبات، التي تعد فرصة للتقارب ولمّ الشمل، خصوصاً على وجبتي الإفطار والسحور. ونظراً لما توفره هذه النوعية من الملابس من راحة أثناء الاستخدام، وأيضاً خروجاً عن النسق المألوف في الملابس الرسمية اليومية المعتادة طوال العام، فتعود المرأة في رمضان من خلال الجلابية أكثر التصاقاً بالجذور ومحافظة على الأصالة وتمسكاً بالعادات والتقاليد. وتقول مصممة الأزياء رضوى إسماعيل:"الجمعيات الخيرية والمراكز النسائية تستعد لإقامة الأسواق، والمعارض الخاصة بالشركات البارزة في إنتاج الجلابيات، ما تتيح المجال للمصممات المحليات لعرض إنتاجهن وتصاميمهن من الجلابيات بموديلاتها الحديثة المستوحاة من التراث الشرقي، سواءً الخليجي أم الهندي أم الإيراني، مع اختيار خامات ملائمة ومريحة. وإضافة جانب من الفخامة على تلك القطع بإدخال إكسسوارات وأحجار كريمة وشبة كريمة عليها، حتى تلبي أذواق السيدات والفتيات الصغيرات كافة، اللاتي بدأن يقبلن على لبس الجلابية الشرقية، خصوصاً المصممة بطريقة عصرية وتحوي إكسسوارات وضعت بطرق لافتة لانتباه هذه الفئة العمرية، والمصنوعة من خامات عصرية، مثل الجينز والجورجيت، وغيرهما من الأقمشة". وتشير فاطمة عبدالعزيز 64 عاماً، إلى المفارقات التي طرأت وأحدثت تغييرات جذرية على ملابس النساء في رمضان. وتقول:"في الماضي"كانت النساء ترتدين ثياب مخصصة لاستقبال الشهر الفضيل، فكان يكثر وجودها في الأسواق الشعبية، ولا سيما في القرى والهجر، فهي أشبه ما تكون بملابس الصلاة، إلا أن حياكتها وتصميمها يختلفان. فالجلابيات لم تظهر في ذلك الوقت"، مضيفة:"قبل 30 عاماً، كانت تلتقي النساء لحياكة ملابس للأطفال أيضاً، فيشعرن بنكهة رمضان ودخول الشهر الكريم". وتبدي أسفها على اندثار تلك العادات الرمضانية"الممزوجة بعبق الروحانية"على حدّ تعبيرها. وتستعيد منى السالم ذكريات الطفولة،"كانت أزياء رمضان حين كنا أطفالاً، في غاية الجمال، وحالياً لا يهتم أطفالنا بذلك، حتى نحن النساء لم نعد نلتفت إلا للجلابيات في رمضان، التي تبدو أكثر هدوءاً وتخلو من النقوش الكثيرة، وتختلف الأمور نسبياً بعد الإفطار". ويختلف أصحاب محال الملابس في الرأي مع النساء، فهم يلاحظون حجم الإقبال على الجلابيات التي يطلقون عليها"رمضانية"، إلا أنهم لا ينكرون اندثارها تدريجياً، ويعتبر باعة أن الجلابية هي"الزي الرسمي للمرأة العربية، ومع بروز الموضة والأزياء العصرية انحسرت الجلابية، كما انحسرت أزياء تقليدية وشعبية لكل شعوب الأرض، ولم تعد تلبس إلا في مواسم معينة وخاصة".