يحرص المصلون على ارتياد مسجد قد يكون بعيداً عن موقع سكنهم، وذلك لأداء صلاة التراويح، وغالباً ما يكون السبب في ذلك، وجود إمام ذي صوت شجي وقراءة جميلة. وتوفيق الصائغ إمام وخطيب مسجد اللامي في جدة أحد هؤلاء الأئمة الذين يحرص المصلون على الصلاة معهم في صلوات القيام والتهجد في رمضان، ويكتظ مسجده بمئات المصلين يومياً. ويؤكد الصائغ ل"الحياة"وجود زيادة مطردة في أعداد المصلين في كل رمضان، بدليل ما نلحظه من تزايد في الأعداد عاماً عن آخر في الحرمين الشريفين، وهذا يدل على صحوة مباركة منتشرة في كل مكان. وحول خروج المرأة للصلاة يقول:"إن خروج المرأة للصلاة شرع لا أحد يبدي فيه رأياً، والنبي عليه الصلاة والسلام قال"لا تمنعوا إماء الله مساجد الله"، مشيراً إلى أن الأصل صلاة المرأة في بيتها، وهذا ما أكدته الأحاديث وليس فقط في بيتها أفضل، والنبي صلى الله عليه وسلم تدرج في المسألة"صلاتها في ساحة بيتها أفضل فإن صلت في حجرتها يكون أفضل من أن تصلي في ساحة البيت وهكذا"، كلما كانت المرأة أكثر استتاراً حتى داخل البيت كلما كانت صلاتها أفضل. ولفت في المقابل إلى أنه لا نمنع النساء من شهود الخير ودعوة المسلمين ولذلك الصحابي الجليل عبدالله بن عمر حين قال ابنه"والله لا نمنعهن"قال"والله لا أكلمك أبداً"، لأنه اعترض على الحديث ولم يكن اعتراضه لإسقاط السنة، بل لأنه حصل من خروج النساء فتنة، والشاهد أن المرأة لها أن تشهد الصلاة.وأضاف أن الشريعة تدور حول محور في ما يتعلق بالمرأة وقرن في بيوتكن كلما كانت المرأة"بيتوتية"يكون أحسن وأفضل وهذا ليس تحقيراً للمرأة أو حبساً لحريتها وحجرها ولكن المرأة لها ما يشغلها من تدبير أمور المنزل و العناية بأطفالها. وأكد الصايغ أن مسجده مفتوح للنساء وفيه إقبال كثير منهن، أما في شأن اعتكاف المرأة، قال،"إذا كان معها محرم فلماذا نمنعها لأنه إن لم يوجد سقط عنها كالعمرة والحج"، فالاعتكاف له مصطلح شرعي هو بقاء الإنسان في مسجد تقام فيه الجمعة والجماعة لا يخرج إلا لحاجته الضرورية، فبالتالي البيت ليس بمسجد لكن نحن نقول إن لم يستطع الإنسان أن يعتكف سواء رجلاً أو امرأة فلا أقل من يأتي بأعمال الاعتكاف صورة عبادية لكن مقصده الشرعي أبعد من مسألة حبس النفس في المسجد، فحقيقته الشرعية أن الإنسان يتفرغ من الشواغل مثل فضول النظر وفضول الكلام والاستماع حتى يصلح القلب، فالقلب تعترض عليه العوارض التي ذكرتها من فضول النظر والكلام،"اليوم مثلاً المقصد هذا الشرعي مختف لأنه مشتغل بالجوال مشتغل بالقيل والقال مشتغل بالجمعات وتدور عليه كؤوس الشاي والقهوة، وهذا خلاف الاعتكاف الشرعي". وذكر أن الاعتكاف الشرعي أن يجلس الإنسان بمفرده لا يكاد يكلم أحداً إلا الذكر والصلاة وقراءة القرآن والقيام ليخرج بزاد إيماني قوي جداً. وأوضح أنه مع حرص النبي على الاعتكاف إلا أنه توجد أعمال قد يكون فضلها أكثر من الاعتكاف، فالنبي أرشد إليها مثل قوله صلى الله عليه وسلم لأن أمشي في حاجة أخي حتى أثبتها له خير من أن أعتكف في مسجدي هذا شهراً كاملاً، لذا نقول الناس الذي يترتب على بقائهم خارج المعتكف مصالح الناس كالأطباء أو الذين هم في الميادين التي تخدم الناس والناس بحاجتهم، نقول لهم لا تقدموا إجازات وتعتكفوا، بقاؤكم في خدمة الناس أحب إلى الله من أجر المعتكف الذي حبس الناس في المسجد للصلاة والذكر وهذا مفهوم من المهم جداً تأكيده. ويضيف"غير هذا المفهوم أيضاً قلنا إن حقيقة الاعتكاف أن يخلو بربه سبحانه وتعالى حتى يأنس به، ومع الازدحام الشديد والتكاثر يصلي الإنسان وهو متضايق يجلس وهو متضايق ولا يوجد مكان ينام فيه لكثرة المعتمرين والحر فبالتالي فقد لذة الاعتكاف لذا نقول له لو اعتكفت في مسجد غير المسجد الحرام تتهيأ فيه أسباب الخلوة والمقصد الشرعي للاعتكاف، فاعتكافك أولى من بقائك في المسجد الحرام مع هذا الازدحام الشديد وهذا الضيق".