أول من أمس كانت مناسبة اليوم الوطني لهذه البلاد العزيزة، فالوطن يظلّ ممارسة للمواطنة الحقّة التي تصل إلى المدى الذي لا يمكن رصده في عبارات سريعة، فالأصل في الإنسان أن يحبّ وطنه ويتشبّث بالعيش فيه، ولا يفارقه رغبة عنه، وحبّ الوطن غريزة متأصلة في النفوس، تجعل الإنسان يستريح إلى البقاء فيه، ويحنّ إليه إذا غاب عنه، ويدافع عنه إذا ما تعرّض لأي مكروه، ويغضب له إذا انتقص، والوطنية بهذا التحديد الطبيعي شيء غير مستغرب، وفي تاريخ الفكر السياسي يتحدّد الوطن على أنه رديف الأمة، وبه أصبحت تُسمّى وطناً. وبالتالي فالوطن هو التفاعل بين الإنسان والأرض، وهما معاً مع ما ينتجانه من لغة و ثقافة و عادات تشكّل مجتمعة الأمة، بل هو مفهوم وجود روحي وعقلي يشكّل فيه وجدان ومشاعر وأحاسيس انتماء تتوحّد فيها الأرض والإنسان... مكوناً الروح الوطنية بما تعنيه من ارتباط عميق غير قابل للانفصام تتجسد سلوكاً وممارسة في بذل الغالي والنفيس ليظل الوطن قوياً متماسكاً وعزيزاً، يعمل كل أبنائه من أجل حمايته وتقدمه ورقيّه مهما اختلفت وتباينت رؤاهم وتصوراتهم، التي في النهاية ينبغي أن تصبّ في هذا الاتجاه، وعلى أساسه تقاس الوطنية باعتبارها مسؤولية تعبّر عن نبل وسموّ مفهوم الوطن لدى أبنائه. و لهذا فإن الوطنية هي سمة الانتماء إلى الأرض، كما أن الشعور الوطني هو سمة الانتماء إلى الأمة. ولا بدّ من الإشارة إلى أهمية السلوك البشري والتعامل الصادق والابتعاد عن الغلو والتطرف والإرهاب والتآمر ضد الوطن وأهمية الالتزام بمبدأ الاعتدال والوسطية، وجعل الوطن فوق كل الاعتبارات وهو كل ما نحتاج إلى تأصيله في هذه الذكرى العزيزة على كل مواطن. أعود و أقول إن الوطن هو مجتمع واحد و هذا الأمر يجب أن يكون فعلاً و قولاً و انتماءً و شعوراً لدى كل المواطنين من خلال ترسيخ مفهوم حب الوطن الصحيح الذي لا يقبل المساومة، إن هذا الوطن وطن الشموخ والأمجاد سيبقى بعون الله منارة الأمم لأنه قلب العالم الإسلامي النابض ووطن العطاء الذي قدم لنا الكثير، وهذا ما يجب أن يعيه الغاوون عن الطريق وليعلم الضالون المنحرفون أن أعمالهم وأفكارهم ترفضها الشريعة قبل أي شئ آخر، ولن تغيّر شيئاً من ولاء وانتماء المواطن المخلص لهذا البلد المعطاء ، لتبقى بلادنا شعاع النور ورسالة الأمن والأمان لكل شعوب العالم. [email protected]