حضّ إمام وخطيب المسجد الحرام في مكةالمكرمة الشيخ صالح بن محمد آل طالب، على حب الانتماء إلى الوطن والغيرة عليه وعدم الانجراف وراء الدعايات الكاذبة والمعادية له، مشيراً بقوله: «اننا لا نطالب غلواً بغلو ويجب ألا نستفز من قبل من غالى في الوطنية ورفع شعارها نداً للإسلام ليجعلنا نتجاهل حقوق الوطن ونتساهل فيه، لافتاً إلى عدم السير خلف الشعارات المستوردة والمصطلحات الدخيلة». وحذر الشيخ آل طالب في خطبة الجمعة التي ألقاها في المسجد الحرام أمس، من الخيانة والخونة للأوطان سواء كان سببه الانتقام من أشخاص أو مؤسسات في بلادهم فأصبح الضرر عاماً، مؤكداً أنه لا عذر لهؤلاء المستهترين بمجتمعهم والناشرين لنقائص وطنهم وعيوب مواطنيهم سواء ما كان واقعاً فيها أو مبالغ فيه أو ما كان فرية عليه. وقال: «إن المحبة للأوطان والانتماء للأمة والبلدان هو أمر غريزي، وطبيعة طبع الله النفوس عليها، ويكفي لجرح مشاعر إنسان أن تشير بألا وطن له، مشيراً إلى أن البشر يألفون أرضهم على ما بها حتى ولو كانت قفراً مستوحشاً، مبيناً أن حب الأوطان يجعل الإنسان يستريح إلى البقاء فيه، ويحن إذا غاب عنه ويدافع عنه إذا هوجم ويغضب عنه إذا انتقص، والوطنية بهذا المفهوم الطبيعي أمر غير مستغرب». وأوضح الشيخ آل طالب أن الإسلام لا يغير انتماء الناس إلى أرضهم ولا شعوبهم ولا قبائلهم، فقد بقي بلال حبشياً وصهيب رومياً وسلمان فارسياً، ولم يتضارب ذلك مع انتمائهم العظيم للإسلام، مشيراً إلى أنه من المغالطة الإيهام بالتعارض بين الوطنية بمفهومها الطبيعي وبين الإسلام، وأن تصوير هذا التعارض ليس إلا حيلة للنيل من الإسلام واستغلالاً من المحبة للوطن لإيهام الناس أن التمسك بتفاصيل الشريعة يعطل بعض مصالح الوطن. وأكد أن المفهوم المستورد للوطنية يرفضه الإسلام، فهو مفهوم مستحدث في ثقافتنا ومعنى فاسد حين يجعله وثناً تسخر له كل المبادئ ولو عارضت الإسلام ويؤدي إلى إقصاء شريعة الله وتقسيم الناس إلى أحزاب وطوائف تتباغض وتتناحر ويكيد بعضها لبعض ويفتح الباب واسعاً أمام العدو لتحقيق أهدافه ومراميه. كما أكد أن من مقتضيات الانتماء للوطن محبته والافتخار به وصيانته والدفاع عنه والنصيحة له والحرص على سلامته واحترام أفراده وتقدير علمائه وطاعة ولاة أمره، ومن مقتضيات الوطنية القيام بالواجبات والمسؤوليات كل في موقعه مع الأمانة والصدق واحترام نظمه بالمحافظة على مرافقه وموارده الاقتصادية والحرص على مكتسباته والحذر من كل ما يؤدي إلى نقصه. وطالب الشيخ آل طالب في خطبته بالدفاع عن الوطن الغالي، مؤكداً أنه واجب شرعي وأن الموت في سبيل ذلك شهامة وشهادة، مبيناً أن لخيانة الوطن مواطن وظواهر بعضها مر على بلادنا فحسم أمره وكبت شره وبعضها لم يزل قائماً يتشكل ويتلون ويخف ويشتد، وبعضها يظهر باسم الغيرة على الوطن وفي الحقيقة هي غيرة منه، ومن ذلك ما تورط به شباب مغرر بهم رفعوا شعار نصرة الإسلام وراية الإصلاح فأخطأوا سبيله فلم يجدوا صدوراً يفرغون رصاصهم فيها إلا صدور أهليهم ولا أمن يزعزع إلا أمن بلادهم.