يقول عليه الرسول "عليه الصلاة والسلام": "من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه، ومن قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه"متفق عليه. فعلينا أن نجاهد أنفسنا ونحتسب ما استطعنا، عل نفحات الباري تصلنا فتغفر صغائر ذنوبنا وتكفر طفائف سيئاتنا، ونتوب إلى الباري بصدق من كبائر نعلمها ولا يطلع عليها غيرنا، لترجع كما ولدتنا أمهاتنا بثياب بيضاء نقية ناصعة، فتكون ممن يبارك الله في أعمالهم وأعمارهم. في هذا الشهر الفضيل تصفو النفوس، وتصفد مردة الجان، وتتخلص القلوب من كثير من الران الذي غلفها شهوراً طويلة، فيأتي دور المربي ليغرس الفضائل في النفوس فتستثيرها وتقبلها بسرعة، فتقبل على الطاعة وتنثني عن المعصية، وتتربى على الأخلاق، وكم من شاب اهتدى في هذه الأيام المباركة بعد أن تأثر بكلمة مؤثرة خرجت من أعماق قلب صادق، إذن فلنجتهد فالقلوب مقبلة والأصداء مولية. كثير من الناس بيتوا النية على أن يجعلوا من هذا الشهر موسماً للنوم والكسل والراحة، ويعتذرون بالجوع والخمول، وما علموا أن هذه الاعذار واهية جداً، فالراحة كل الراحة في ترييح المعدة من براكين التخمة والمأكل والمشرب، وبالتالي يصفو الدم وتتنفس المعدة من عناء سنة كاملة أثقلتها الهموم والمشكلات من جراء الأكل والنوم، وقد كان السلف يجتهدون بالعبادة. بقدر ما نرى في رمضان انتشاراً للصور والنماذج السلبية، من بث إعلامي وهجمة شرسة من المسلسلات التلفزيونية، التي تلهي الصائمين عن التفرغ لعبادة الله سبحانه وتعالى في هذا الشهر الفضيل، ونرى البعض لا يراعي حرمة الشهر ويجهر بالقول الزور والعمل الزور، وبقدر ما نرى من تجدد لصور المخالفات، وتقصير في الفرائض لدى فئات من المسلمين، نرى في المقابل صوراً مشرقة، كمشاريع تفطير الصائمين والاقبال على المساجد وصلاة القيام وزيارة البيت الحرام. جاء في الحديث"للصائم فرحتان، فرحة بفطره وفرحة بلقاء ربه"، فما أجمل هذه الفرحة عندما تحصل للعبد لأنه أطاع الله وأدى حقه، كلنا ينشدها وكلنا يتمتع بها، فإذا أتى موعد الافطار أنس بمن حوله، وإذا أتى إلى يوم القيامة فرح بصومه بين يدي خالقه، فاللهم أفرحنا بطاعتك ولا تحزنا بمعصيتك.