تبدأ القصص الكلاسيكية للعثور على كنزٍ ما، بالفقر المدقع للمغامر الذي وقف على شفير حفرة الكنز، أو على أعتاب المغارة المجهولة، منادياً بأعلى صوته : افتح يا سمسم، فتفتح باب المغارة، ويلجها صاحبنا مذهولاً باكتشافه غير الطبيعي للكنز المفقود الذي سيغير حياته للأبد، وينقله من دركات الشقاء إلى مصاف علية القوم! هكذا دارت أو تدور قصص العثور على الكنوز والثراء السريع، صندوق مدفون، مصباح علاء الدين، أو خاتم سليمان، وفي عصرنا الحديث سهم مستقر، لشركةٍ قويةٍ في زمن التقلبات . غير أن أصحابنا الأفغان عثروا هذه المرة على كنزٍ حقيقي، يصل وزنه إلى ثمانية كيلو غرامات من الذهب الخالص، وتصل قيمته إلى حوالى مليون ريالٍ سعودي، أثناء نبشهم وتفتيشهم قرب الأنقاض التي خلفتها عملية توسعة الحرم المكي الشريف، ولأن قصص العثور على الكنوز داخل المغارات والحفر وفي قعر المحيطات والبحيرات لم تعد تجدي نفعاً في زمن السؤال المعهود : من أين لك هذا ؟ فقد وقع أولئك المغامرون في حيص بيص من نافذة الحظ التي فتحت لهم، والتي قد تجلب لهم سعادةً، أو تصب عليهم شقاءً، بحسب قدرتهم على تصريف ما عثروا عليه بين الناس . لم يجد أحدهم بداً من الاستعانة بكفيله تاجر الخردة المعروف، إذ طلب منه المساعدة في تصريف هذه الكارثة من دون أن تحس عيون الفضوليين، ورجال الأمن، ورجال مكافحة الإرهاب، وجماعة من أين لك هذا، في مقابل عمولةٍ تسيل لها لعاب محبي المال . وكان سعادة الكفيل يخشى على نفسه وعلى عمله من تبعات عملية التصريف تلك، فقام بإبلاغ الشرطة التي ألقت عليهم القبض مع كنزهم المنحوس، واقتادتهم إلى المخفر لسؤالهم عن مصدر هذا الكنز ! في ظل هذه الظروف والأوضاع المقلوبة، يستحسن بمن تبسم له الحظ يوماً، وعثر على كنزٍ أو لؤلؤةٍ أو جوهرةٍ غالية الثمن، أن يلتقط بجوراها صوراً تذكاريةً، يضعها في ألبومه، ليبكي على أطلالها عندما يغيب قرص الشمس، ويحكي قصة كفاحه لأحفاده وهو يريهم تلك الصورة، وأنه كاد أو لامس الغنى يوماً ما، لولا خوفه من تبعات الاكتشاف على نفسه، ولا ينسى في خضم هذا كله، أن يطمس من عقله جميع القصص والأساطير التي تتحدث عن العثور على الكنوز والجواهر ومصابيح علاء الدين، واللص علي بابا.