يدعو الإسلام إلى مبادئ سامية وقيم فاضلة من الرحمة، والسلام، والسماحة، والسمو، والمحبة والوئام، والوسطية والاعتدال ونبذ العنف والإرهاب، بل إنه الدين الذي اشتملت أحكامه على محاربة العنف والإرهاب ومعاقبة من يقترفهما، ولا ريب في ذلك فهو دين رباني سمت مقاصده لتحقيق الأمن والطمأنينة والاستقرار للبشرية كافة، حفاظاً على الأنفس والأرواح والممتلكات والأعراض، يتجلى ذلك واضحاً في كتاب الله عز وجل وسنة نبينا محمد"صلى الله عليه وسلم"، ومن ذلك أن الله عظم حرمة الدم المعصوم وحرم قتل الإنسان بغير حق، ورتب الوعيد الشديد على مقترف هذه الجريمة، فقال الله عز وجل ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم خالداً فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذاباً عظيماً النساء 93، قال تعالى في وصف المؤمنين والذين لا يدعون مع الله إلهاً آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلقَ أثاماً يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهاناً الفرقان 68 ? 69، بل جعل الله قتل نفس واحدة كقتل الناس جميعاً أنه من قتل نفساً بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً المائدة 32. كما عظم الإسلام ذنب من قتل من ارتبط مع المسلمين بعهد أو ميثاق من غير المسلمين، فقال عليه الصلاة والسلام"من قتل معاهداً لم يرح رائحة الجنة وجاء في الحديث الآخر لا يزال المرء في فسحة من دينه ما لم يصب دماً حراماً. وقد ذم الله تعالى الإفساد في الأرض والعدوان على الناس، وعده من أقبح الصفات وأعظم المحرمات، فقال عز وجل قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق الأعراف 33، بل إن الإسلام جعل عقوبة المفسدين في الأرض من أشد العقوبات فقال جل شأنه إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فساداً أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيدهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم. وعليه فإن الإسلام يجرم ظواهر العنف والتطرف والإرهاب ويرفضها وسيلة لتحقيق الغايات والأهداف. ومن هذا يتضح جلياً أن الإسلام بتعاليمه السمحة يحرم العدوان ويحض على السلام والتسامح والاحترام، وينهي عن إزهاق أرواح الأبرياء وتدعو تعاليمه إلى الوسطية والاعتدال ونبذ العنف والإرهاب. وقد اهتم بهذه المعاني خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز حينما دعا إلى الحوار بين الأديان في المؤتمر الذي عقد أخيراً في إسبانيا، إذ دعا إلى الحوار والتعايش والوئام والسلام في العالم، وأنه لا سبيل أمام الأديان إلا التسامح والتعايش وقبول الآخر، ونبذ العنف والإرهاب وإزالة سوء التفاهم والتخلص من عدم الثقة بين الأديان السماوية، وفتح آفاق أفضل للآخر، وخلق روابط بين علماء وقادة الفكر في الأديان لكي يعيش العالم في أمن وطمأنينة واستقرار للبشرية كافة.