لا نعادي أهل الفن، ولا ننادي بمقاطعتهم، فهم وإن سقط الكثير منهم في بحور نضب منها العطاء، وكانت ملحاً أجاجاً، إلا أنهم بعض منا وبقية من أهلنا وحيز من مجتمعنا، ونحن لا نعادي الفن بالمطلق، ففي الفن بعض من المنافع التي تحاكي الوجدان، وتهمس في أذن الأحاسيس، لتضفي على الحياة بعضاً من التلوين، ولأنه يقدم بعضاً من إبداعات راقية في مجالات تخصصية مثل الرسم والتأليف الموسيقي الباهر، الذي يبعث في النفس فرصة لدخول عوالم جميلة تغير من ألوان واقعنا المرير، ولو لبعض حين، مثل ذلك تقديم بعض من الفاضل من الأعمال التمثيلية الجادة، التي يعطي تقديمها دعماً للتفاعل بين عقل المشاهد والواقع، في محاولة لإحداث تغيير مطلوب في السلوكيات والأفكار السلبية السائدة. بيد ان غير الواضح والمستعصي على الفهم هو تعاون أهل الفن مع مواقع بعينها، كان ديدنها ولا يزال قتل روح الفضيلة والأخلاق بأعمال رخيصة لا مضمون لها ولا هدف إلا تقليد أولئك من الذين استحوذ عليهم الشيطان، كلمة وحركة ومضمون، في بلاد لا نتلاقى معها في التفكير والعادات والتقاليد، وفي محاولة مستميتة لجر شبابنا وفتياتنا لتداول هذه الأعمال المهينة للعقل أولاً وأخيراً. أما ماذا سنفعل؟ فنحن لم نؤت تحركاتنا السابقة للحد من هذه المشكلة التي أرى فيها دماراً لعقول من نراهم نواة للمستقبل، الغرض المرجو منها، إما لغلظة في القول والبعد عن الحكمة والموعظة الحسنة، أو لضعف في نشر أفكار دعوة أصحاب الدعوة على معالجة المشكلات بالتعقل والاعتدال. أياً كان الأمر، فالموضوع لا يعالج بين ليلة وضحاها.