وضعت الأجهزة الرسمية المصرية أمس في حال استنفار كامل للسيطرة على تداعيات «أحداث ماسبيرو»، التي خلفت 25 قتيلاً وأكثر من 320 مصاباً، والاشتباكات بين قوات الشرطة والجيش ومتظاهرين أقباط. وعقد المجلس الأعلى للقوات المسلحة اجتماعاً حسم فيه الجدل حول إرجاء الانتخابات البرلمانية المقرر فتح باب الترشيح فيها غداً، وأعاد تأكيد التزامه اجرائها ونقل السلطة الى المدنيين. وعقدت الحكومة اجتماعاً برئاسة الدكتور عصام شرف وشكلت لجنة تقصي حقائق وتعهدت الإسراع في التحقيقات حول الأحداث الدامية التي شهدتها القاهرة اول من امس. وأكد بيان في ختام الاجتماع مسؤولية الحكومة عن «دعم قدرات قوات الأمن لتمكينها من القيام بواجباتها» واستجابة لمطالب الأقباط قررت الحكومة عرض مشروع مرسوم بقانون بتقنين أوضاع دور العبادة القائمة غير المرخصة على اللجنة التشريعية في مجلس الوزراء. وكلفت الحكومة لجنة العدالة الوطنية التي تضم خبراء ومسؤولين ورجال دين مسلمين وأقباط بسرعة الانتهاء من الحوار حول قانون دور العبادة الموحد الذي سبق لمجلس الوزارء أو وافق عليه. وتعهدت الحكومة بإقراره خلال اسبوعين مع تشديد العقوبة على التمييز. وانشغلت الأوساط والقوى والنخب السياسية عن الانتخابات وعقدت اجتماعات مارثونية للبحث في سبل عدم تكرار الأحداث، لكن بدا أن قوى عدة سعت إلى استغلال ما جرى لتحقيق أهداف سياسية، إذ اعتبرها البعض مدعاة لإرجاء الانتخابات، في حين شدد آخرون على ضرورة الإسراع في نقل السلطة الى المدنيين للوصول الى الاستقرار. وحسم المجلس العسكري الجدل في هذا الشأن بتأكيد التزامه خريطة الطريق لنقل السلطة. وطالبت قوى سياسية بإقالة حكومة شرف الذي أكد أن العنف «غير مبرر»، قائلاً «من الصعب أن نركن لفكرة أن ما حدث في مصر فتنة طائفية، ولكن المؤكد أنه مشهد من مشاهد المؤامرة». وألغى رئيس المجلس العسكري المشير حسين طنطاوي ارتباطات مسبقة، لرئاسة اجتماع المجلس العسكري الذي توعد «من يثبت تورطه في الأحداث بالاشتراك أو التحريض» باتخاذ إجراءات قانونية رادعة. وأكد حرصه على عدم التجاوب مع محاولات الوقيعة بين القوات المسلحة والشعب، متحدثاً عن محالاوت تهدف إلى هدم أركان الدولة ونشر الفوضى للحيلولة دون التحول الديموقراطي المنشود. وأصدر المجمع المقدس التابع للكنيسة القبطية الأرثوذوكسية برئاسة البابا شنودة الثالث بياناً لافتاً ذكر فيه أن الكنيسة رُوعت بسبب هذه الأحداث. مؤكداً أن «غرباء اندسوا في المسيرة وارتكبوا جرائم ألصقت بالأقباط»، لكن قوى سياسية ومؤسسات حقوقية حملت الجيش مسؤولية الأحداث، وأنه كان البادئ باللجوء الى العنف. وشيع آلاف الأقباط أمس جثامين الضحايا بعد قداس على أرواحهم رأسه البابا شنودة الثالث، وخرجوا في مسيرة من أمام المستشفى القبطي القريب من مقر كاتدرائية الأقباط ورددوا هتافات منددة بالمجلس العسكري والحكومة. وأكد شيخ الازهر الدكتور أحمد الطيب «أن أحداث ماسبيرو ليست طائفية». وشدد في بيان تلاه عقب اجتماع «بيت العائلة»، الذي يضم علماء مسلمين وأقباطاً، على الاحترام الكامل للقوات المسلحة والمجلس العسكري وهيبة الدولة وعدم المساس بهذه الخطوط الحمراء. وفي واشنطن، أصدر الناطق باسم البيت الأبيض جاي كارني بياناً جاء فيه أن «الرئيس (باراك أوباما) قلق للغاية من أعمال العنف في مصر التي أدت الى خسائر مأساوية في صفوف المتظاهرين وقوى الأمن». وافاد البيان «بأن الولاياتالمتحدة، واذ تقدم تعازيها لعائلات الضحايا تقف مع الشعب المصري في هذا الوقت المؤلم والصعب». وشدد البيت الأبيض على أن «حقوق الأقليات، وبينهم الأقباط، يجب أن تحترم وأن للجميع الحق بالتظاهر السلمي والحرية الدينية». كما لفت الى دعوة رئيس الوزراء عصام شرف باجراء تحقيق ودعوته جميع الأطراف الى الامتناع عن العنف». وفي لوكسمبورغ (رويترز، ا ف ب) أبدى وزراء الاتحاد الأوروبي قلقهم. وقالوا «إن من واجب السلطات حماية الأقليات الدينية». وقال وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ إنه «قلق للغاية»، في حين شدد وزير الخارجية الألماني جيدو فسترفيله على إن العنف ضد الأقليات الدينية «غير مقبول»، مذكراً بأن «طريق الديموقراطية يمر أيضاً عبر التسامح الديني». وفي نيويورك، دعا الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون السلطات الانتقالية في مصر الى «ضمان حماية حقوق الإنسان والحريات المدنية للمصريين من كل الأديان”. وأعرب عن «حزنه العميق لخسارة الأرواح»، داعياً المصريين الى «البقاء متحدين» والحفاظ على روحية «التغيير التاريخي الذي شهدته مصر مطلع السنة”.