تبدو الصورة مدهشة في أحد المشاغل النسائية في جدة، إذ تنتشر 24 فتاة سعودية يعملن على تزيين عشرات من السيدات والفتيات الممددات على كراسي شبيهة بتلك الموجودة في صالونات الحلاقة الرجالية. ومعلوم أن مجال العمل في صالونات التجميل النسائية كان مقتصراً حتى وقت قريب على الوافدات، إلا أن السعوديات بدأن في اقتحامه على استحياء منذ أعوام قليلة. تقول صاحبة المشغل إيمان عاشور ل"الحياة":"اعتمد على العاملات السعوديات في مجالي التجميل والإدارة، لاعتقادي بأنهن مؤهلات أكثر من غيرهن ويعملن بكفاءة عالية". وتضيف عاشور:"السعودية تمتاز عن الأجنبية بأنها أكثر خبرة بالذوق السعودي، من خلال احتكاكها بالمجتمع وحضورها حفلات الزواج والمناسبات الأخرى". وتلفت إلى أن"المشغل يضم عاملات من جنسيات أخرى لكن عددهن قليل، فأنا لجأت إلى هذا الخيار نظراً إلى أن بعض الزبونات يطلبن عاملات من جنسيات محددة". وتعزو سبب نجاح"مشغلها"إلى"أنني أشرف عليه في شكل مباشر، وأحرص على ضمان ثقة الزبونات ورضائهن، فهما يمنحان المشغل سمعة جيدة، وتالياً يرفعان الإقبال عليه". ورجحت أن يشهد هذا الصيف إقبالاً كبيراً على المشاغل النسائية:"لطول مدة الإجازة المدرسية مقارنة بالأعوام السابقة". وعلى النقيض من عاشور ترى مالكة مشغل آخر في جدة تكنى بأم سعود، أنها تعتمد في شكل كبير على الكوادر الأجنبية،"نظراً إلى أن غالبية السعوديات يرفضن القيام بمهمات مثل تنظيف البشرة والعناية بالجسم، إذ يعتبرن هذا العمل يحط من قدرهن". وأضافت أم سعود سبباً آخر وهو"أن كثيراً من العائلات ترفض بقاء بناتها في العمل حتى ساعات متأخرة". وتؤكد سعودية تعمل في أحد المشاغل في جدة فضلت عدم ذكر اسمها أن"هناك شريحة كبيرة من النساء لا تزال تعتقد بأن الأجنبيات أجدر بالثقة من فتيات البلد، بسبب تعايشهن مع الغرب، على عكس السعوديات اللاتي قد يكنّ أقل تأثراً من غيرهن"، لافتة إلى أنها في بعض الأحيان تتعرض إلى أسئلة من بعض الزبونات عمّا إذا كانت تلقت دورات في مجال التجميل. وتضيف:"في بادئ الأمر كنت أنزعج من نظرة المجتمع إلينا في هذا المجال، غير أنني بعد أن اكتسبت تلك الخبرة في مجال التجميل من خلال سفري إلى إحدى الدول العربية أصبحت لا أبالي بتلك النظرة، إذ إن الدورات التي أتممتها خارج السعودية فتحت لي مجالاً واسعاً للعمل في أي مشغل نسائي أريده". وتابعت بثقة:"الآن كثير من الزبونات يجئن إلى المشغل من أجلي، بعدما استعطت كسب ثقتهن". وتقول الشابة السعودية سهى عبدالمحسن أنها اكتسبت مهاراتها في فن التجميل من خلال متابعتها لبرامج متخصصة على القنوات الفضائية، ما جعلها تستطيع إقناع الزبونات بقدرتها على إرضاء ذوقهن، مؤكدة أن الكثير من السيدات السعوديات أصبحن أكثر وعياً من السابق، خصوصاً أنهن يعمدن إلى اختيار السعوديات في المشاغل لثقتهن الكبيرة بكفاءتهن بعد أن شاهدن مستوى مهنيتهن في ذلك المجال. وتقول عبدالمحسن ل"الحياة":"تنقص المشاغل النسائية كوادر سعودية متخصصة في فن الخياطة والتفصيل وتصميم الأزياء، نتيجة قلة الدورات المتخصصة في هذا الفرع الذي يعد جزءاً مهماً من الموضة، إضافة إلى أن الكثير من السعوديات يفتقدن سعة الصدر، ولا يستطعن تحمّل الانتقادات من العميلات، ما يجبر مالكة المشغل على استقدام عمالة أجنبية لتوكل لهن تلك المهمة".