أزواج وزوجات يعيشون معاً تدل مظاهرهم على أنهم سعداء بينما أعماقهم مليئة بالشكوى والحرمان، فللبيوت أسرار لا يعرفها غير ساكنيها وخلف جدرانها وأبوابها الموصدة تقبع الحكايات المؤلمة. الكثير منهم تدفعهم ظروفهم إلى الهرب في اتجاهات أخرى، بعيداً عن عيون الآخرين في محاولة للوصول إلى السعادة، مع مرور الوقت تبدأ رحلة الاكتشاف التي تجعل الزوجات خصوصاً يستشعرن الخطر المقبل بإحساس الأنثى التي لا يخطئ حدسها ولكنها لا تعرف أين يأتي هذا الخطر. يقول أحمد المسيري موظف الحكومي:"إنني أعيش هذه المجادلات يومياً مع زوجتي التي ترغب كثيراً في الارتباط بصديقاتها وأسرتها أكثر مني وتصر كثيراً على قضاء معظم وقتها خارج المنزل في التنقل بين الأسواق والمقاهي وحفلات الأعراس، لأجد نفسي في الغالب اقضي وقتي وحيداً في المنزل فبدأت في البحث عن من يوليني الاهتمام"، هذه السلسلة من الاتهامات والمناورات المشبعة بالكثير من الجدل والغضب والاقصاء أصبحت تشكل حياة الكثير من الأسر لنجد في النهاية أن العلاقة الزوجية هي الخاسر الوحيد. ابتسام عيد موظفة في أحد المصارف وأم لأربعة أطفال تقول:"أكثر خلافاتي مع زوجي تدور حول اتهامه لي بالتقصير في شؤونه ويردد نفس الاسطوانة يومياً، ومن خلال مراجعتي لنفسي لا أجد هذا القصور ولكنني بدأت انتبه لتصرفاته أخيراً فاتضح لي أنه يتعمد إثارة هذه المشكلات ليعطي نفسه مبرراً للهرب إلى علاقة أخرى خارج الزواج وهذا الأمر لا يمكنني تجاوزه على الإطلاق". حول هذه الظاهرة تتحدث الباحثة الإجتماعية منتهى الخطاب فتقول:"إن أي منزل لا يمكن أن يخلو من المشكلات اليومية أو العابرة وهذا أمر طبيعي جداً، ولكن الأجمل ألا تدفع هذه المشكلات الزوجين لأن يجعلاها مشكلات مستوطنة، والأمر الطبيعي أن يكونا متفقين على الأقل في ما يخص الخطوط العريضة التي تحمي الأسرة ولا يتجاوزاها، أما المشكلات العابرة فيجب أن يحاولا إنهاءها في وقتها حتى لا تكون بيئة خصبة لنمو مشكلات أكبر منها. وتعلق الخطاب على أسباب نشوء الاتهامات المتبادلة على أنه ناتج عن غياب الدفء والحميمية في العلاقة بين الزوجين، ما يدفع أحدهما إلى البحث عن هذه الحاجة عند الآخرين وفي الغالب أن الأمور المفقودة هي أمور معنوية ومتعلقة بالاحتياج النفسي اكثر ما هي مرتبطة بالحاجات المادية، لذا تكثر الاتهامات التي نسمعها بشكل متكرر من الأزواج، فهذه تشتكي من أنه أناني ويبحث عن منفعته الذاتية، وتلك تشتكي من أن زوجها يعاني من مراهقة متأخرة، والزوج يتساءل لماذا أهميته في الأسرة تتمحور في أنه أصبح صرافاً آلياً فقط؟ وآخر يشير إلى أن زوجته تهتم بأطفاله وتنساه. وتضيف الخطاب:"إن معالجة هذه الإشكالات تستوجب الرغبة الحقيقية في استعادة العلاقة المفقودة بأن يكون هناك حوار مفتوح بين الزوجين حول ما يتعلق بالسلبيات التي طرأت على حياتهما. ومن الجميل أن يزيلا الجليد المتراكم على علاقتهما بالبدء في ابتكار أمور جديدة في حياتهما كنوع من التغيير وذلك بقضاء إجازة مشتركة أو تغيير نمط الحياة اليومي، وأن يقوما بعمل مشترك معا مثل ممارسة رياضة معينة وأن تكون هناك محاولات حقيقية بقدر الإمكان للبحث عن مكامن الخلل في ك منهما، لأن الخيانة أو البدء في علاقة أخرى إنما هي حل المشكلة بمشكلة أخرى". ومن أجل الارتقاء بالعلاقات الأسرية في المجتمع تقترح الخطاب:"تواجد برامج متخصصة في التوجيه والإرشاد الأسري أن يتخلل هذه البرامج توعية خاصة بالمرأة وحقوقها الشرعية، إذ إن المرأة في مجتمعاتنا هي الطرف الذي يحرص المجتمع أن تبقى متمسكة بمفاهيم الصواب والخطأ لأسباب دينية واجتماعية من عادات وتقاليد وطرق تربية متوارثة بحيث يركز الموروث الثقافي بشكل عام على أنه يجب على المرأة أن تصبر وتتحامل على نفسها من أجل أسرتها وأطفالها ولكنه يتناسى أيضا أن الأطفال مسؤولية مشتركة من الوالدين". وتقترح الخطاب على أهمية الاستفادة من أي تجمعات إنسانية لنشر الوعي والتثقيف الزواجي، خوصاً في خطب الجمعة بحيث يتولى إعدادها متخصصون في مشكلات المجتمع من حين لآخر ليلقيها الخطيب على جموع المصلين بلغة مناسبة لثقافة المجتمع على أن تنتهج في عرضها للأسلوب الأمثل لمواجهة ما تتطلبة الحياة الزوجية.