على رغم إدراكي لقيمة الهواتف النقالة وأهميتها، إلا أنني لم أستطع إقناع نفسي باحترام هذه التقنية، تعودت على اتصالات إن أتت من المنزل فهي من باب آتي لنا بخبز و... و...، أما الصنف الآخر، فهم لمشتركين يهددون ويُكيلون لي الشتائم، نظراً لتأخر توزيع الصحيفة! صنف جديد بالنسبة لي أعتبره طارئاً، استقبله هاتفي أخيراً، عندما قطع لحظة تأمل، صوت نسائي خدر، لم يسمح لي هاتفي"المحافظ"أن أسمع أكثر من ترحيب حار، فقام بقطع الاتصال من تلقاء نفسه، نظرت الى الهاتف، فإذا بالصوت مرة أخرى، لكنه أكثر اعتدالاً، يطلب بكل رقة أن أُعيد الاتصال، طبعاً لن أنزلق وأقول إنني أعدت الاتصال، لكنني استفسرت عن المتحدث، فتحدث الصوت بنغمة موسيقية تطرب، يطلب مني القيام بشراء بطاقة لشحن هاتفه... سمعت كثيراً عن مثل ذلك، لكن لم يصادف أن واجهت أمراً مماثلاً، على العكس من زميل لي يتلقى الكثير من الاتصالات والطلبات لشراء بطاقات، وغالباً ما يبدي استعداده للقيام بذلك ويطيب لي أن أنعته ب"الأحمق"! الآن ما علاقة ذلك بأخبار الحمقى والمغفلين؟ أخيراً، انتشر خبر عن قيام مجموعة من الأخوة المصريين، بما يُشبه التظاهرة أمام أحد المكاتب في القاهرة، كان قد وعد بتزويجهم من ثريات سعوديات في مقابل رسوم تصل الى 900 جنيه مصري، تخيلوا، تزويجهم بثريات سعوديات! لم أحتمل وقع الخبر، فبحثت في أبواب كتاب"أخبار الحمقى والمغفلين"، وعددها 24 باباً، وحقيقة لم أجد أحداً أكثر حمقاً من هؤلاء، أما لماذا؟ فلأنهم لا يبحثون عن شيء واحد فقط، بل عن شيئين:"سيدات، وأعمال". في وقت فقدنا فيه يا سادة، حتى"السيدات"، فما بالكم ب"الأعمال"؟ وأتعجب من ثقة أولئك، ولو جاريناهم قليلاً ما الذي يمكن أن يدفع سيدة أعمال سعودية للإقدام على مشروع مشبوه بهذا الشكل؟ المؤسف في الموضوع، ليس حمق أولئك فقط، بل انه ما زالت النظرة لأهل الخليج قاصرة على الغنى وامتلاك تلال من الأموال، وإن كانت في السابق تقتصر على الرجل الخليجي وترفه، فإنها اليوم تحولت الى المرأة الخليجية أيضاً! لكنني سأغض النظر قليلاً عما أقدم عليه هؤلاء، وسأذهب في اتجاه آخر قد يصنف على انه ذكوري، ولكن في ذلك تجنياً، فللمرأة لدينا طرق عيش مختلفة، فقبل الزواج: شحن لبطاقة هاتفها، وبعد الزواج: شحن أنوثتها من خلال عمليات التجميل، من بوتكس وشد وغيرهما، أما إذا تطرقنا لطبعها فلعله الأغرب بين نظيراتها من الجنسيات الأخرى فلها قانونها الخاص، البند الأول فيه إنها دائماً على حق، والبند الثاني، اذا أخطأت، فعليك قراءة البند الأول، وأيضاً تعشق المرأة السعودية أن تتحدث، فإذا أصغيت لها آثرت جنونها، فهي تعتقد أن صمتك ناتج عن استخفاف، وان أردت الحديث، اتهمتك بأنك لا تهتم لما تقول، وبخلاف ذلك فلها كل الحق أن تغضب في"أي وقت"، وعليك السعي لارضائها"كل الوقت"، ولا يهم ما تقول، فعليك فهم ما تقصده، وشتان بين الاثنين. لكن هناك كلمة حق لابد أن تُقال فهي تميل الى الرومانسية في التلفزيون، وتنسج أحلامها بناءً على ما تشاهده في الأفلام والمسلسلات، ولعل المسلسل التركي"نور"خير دليل... فقد حوّل وجهات سفر الأسر إلى تركيا بشكل غير مسبوق، بسبب أبطاله، ولا أستبعد ان المنتخب التركي تمكن من بلوغ مراحل متقدمة في بطولة كأس أمم أوروبا بسبب كثرة الدعاء لشبيهي مهند ورفاقه، الذين تسببوا أخيراً في طلاق زوجة من زوجها في السعودية"بحسب ما تناقلته الصحف"! أعود مرة أخرى للحمقى والمغفلين، فما ورد هو جزء يسير، وعلى رغم أننا نسلم بنسبية حماقة المرأة لدينا، لكن ماذا عن أولئك الذين يأبون إلا أن يشاركوها هذه الميزة؟ رحم الله مؤلف كتاب"أخبار الحمقى والمغفلين"، جمال الدين عبدالرحمن بن علي بن محمد الجوزي، فقد نسي أن يضيف الباب ال"25"لكتابه! [email protected]