استقبل الأمين العام للهيئة العليا للسياحة رئيس مجلس إدارة جمعية الأطفال المعوقين الامير سلطان بن سلمان صباح أمس المغامر السعودي فاروق الزومان أول متسلق سعودي يصل إلى قمة افريست. وأثنى الامير سلطان على مبادرة فاروق التي وصفها بمغامرة فعلية، إذ قال:"القبول بالمحاولة كان شجاعة كبيرة، لأن من اتيحت له فرصة الاطلاع على ما كتب وما عرض في القنوات التلفزيونية العلمية عن كيفية الوصول إلى افريست والمخاطر التي اعترضت وتعترض محاولي التسلق وعدد من فقدوا حياتهم هناك فإنه سيدرك تماماً معنى كلمة مغامرة، لأن صاحب المحاولة قد يفقد حياته، ولهذا أبارك لفاروق نجاح محاولته الصعبة والخطيرة جداً". وأثنى الأمير سلطان على أسرة فاروق ووالدته تحديداً التي على رغم فقدها اثنين من ابنائها"الا أنها شجّعت فاروق على تحقيق هذا النصر ليرفع راية بلاده على افريست، وهذا ما كان يجب ان يتحقق، فوطن بحجم السعودية وبلد فيه مكة والمدينة من المفترض ان يوجد اسمه عبر احد ابنائه في هذا المكان من العالم". بدوره شكر فاروق الزومان الأمير سلطان على وقوفه ودعمه المعنوي له من البداية حتى النهاية، وقال:"كان الامير سلطان قدوة لي في طرق باب الصعاب والتحدي بعد أن كان اول رائد فضاء عربي مسلم". وأهدى الأمير سلطان بن سلمان لفاروق قطعة من الاسطرلاب الإسلامي والمعتمد من جانب وكالة ناسا، والذي رافقه في رحلته الفضائية، وقال الأمير سلطان إنه لن يجد أفضل من فاروق ليمنحه هذه الهدية بعد أكثر من 20 عاماً من صعوده للفضاء. عقب ذلك عُقد مؤتمر صحافي للمغامر فاروق الزومان في حضور كل من عضو مجلس إدارة جمعية الأطفال المعوقين بندر الصالح والرئيس التنفيذي للطارق للإعلام سلطان البازعي والمدير العام لشركة كودو عبدالمحسن اليحيى، وشكر البازعي الأمير سلطان بن سلمان على متابعته ورعايته لفاروق، كما قدم شكره لجمعية الأطفال المعوقين ولعضو مجلس إدارة الجمعية بندر الصالح، ولمدير شركة كودو عبدالمحسن اليحيى لما قدموه من دعم وحفاوة بالبطل المغامر. وأشار البازعي إلى أنّه التقى الفريق المغامر والعديد من المرافقين والمسؤولين النيباليين الذي أشادوا بفاروق الزومان، وقال البازعي:"أكد لي مدير الفريق أن فاروق كان يعتبر بالنسبة لهم العمود الفقري، وكان يشاركهم الرحلة بروح الفريق الواحد، إضافة إلى ما كان يوليه من عناية شخصية لكل فرد على حدة". وقدم البطل فاروق الزومان شكره للجميع على الدعم والحضور والدعاء والمتابعة الدائمة لرحلته، وأوضح أن مهمته كانت شاقة جداً، لكنه كان مدركاً أن ما يقوم به لا يمثله وحده، وإنما يمثل جميع السعوديين، وأن هذا المنجز سيسجل كمنجز وطني لا شخصي. وقال الزومان:"كل إنسان لديه قمة يريد أن يتجاوزها في الحياة، لذا فإن ما قام به من إنجاز هو في حقيقته رمزيّ لدفع كل شاب إلى التحدي والصبر وقهر قمته الخاصة في الحياة". ورداً على سؤال عن مشاعره عند وصوله القمة، قال فاروق:"المنظر الذي أطلّ عليه من أعلى الجبل كان كفيلاً بإلغاء كل المشاق التي واجهتها في طريق صعودي وأعاد إليّ حيويّتي، ولم أملك إلا أن أسبح الله وأشكره على ما تم لي من إنجاز، إن نصب العلم السعودي ورفع المصحف على قمة إفريست كانا رسالة للعالم الخارجي تعكس صورة الشباب السعودي المسلم المسالم القادر على تحقيق أصعب الإنجازات". وقال الزومان إنّ التحدي الحقيقي كان تحدي النفس، ثم تحدي القدرات الجسدية، ثم تحدي القدرات العقلية،"لأن ظروف الرحلة والأحوال الجوية القاسية والمصاعب التي مر بها فريق التسلق كانت كفيلة بإحباط العزيمة، إلا أنّني بدعاء الله كنت واثقاً بقدرتي على تجاوز أي صعوبة تواجهني، ولذلك أعتقد أنه لا مستحيل بعد اليوم للجميع، ما دام الإصرار والصبر رفيقين للمرء في حياته". وأكد الزومان أن فكرة صعوده إلى قمة إيفرست كانت شخصية في البدء، ولم تكن لتتمّ لولا وجوده وسط مجتمع يقدر أفراده، وقال:"كان لدعم الطارق للإعلام وشركة كودو الفوري له، إضافة إلى حماستي وإصراري الشخصيين الدور الأكبر الذي ساعد على تجسيد فكرتي إلى إنجاز واقعي". وتعليقاً على سؤال حول غايته من مثل هذه المغامرة التي كان يمكن أن يفقد حياته فيها قال فاروق:"ما أنجزته هو تعبير عن روح جيل سعودية جديدة سبقها رواد كانوا كمثال يحتذى به، كرحلة الأمير سلطان بن سلمان للفضاء، وأن الجيل الذي يمثله والأجيال الوطنية القادمة هي أجيال تحد، وعلى الجميع المبادرة لأنهم سيجدون الدعم الذي يوصلهم لغاياتهم إن شاء الله". وتحدث فاروق عن اللحظات الصعبة في رحلته، قائلاً:"البرودة الشديدة التي تؤدي إلى تجمد الأطراف، إضافة إلى نقص الأوكسجين والعواصف الثلجية المفاجئة وقلة النوم في أحايين كثيرة، إذ كان الفريق ينام لدقائق معدودة لأيام طويلة كلها كانت تمثل مواقف صعبة للغاية، إذ يموت عدد من المتسلقين إما لنقص الأوكسجين أو نتيجة التجمد"، وأشار إلى أنّه فقد بصره ليومين تقريباً، نتيجة تعرض قرنية العين للتجمد عند محاولته مسح عدسات النظارة التي كان يرتديها، وذلك بسبب تصاعد بخار التنفس، ما أجبره على خلع خوذة الرأس لتنظيفها وتسبب ذلك في التهاب العين. وشرح الزومان كيف أنه رأى عدداً من الجثث في طريقه، إذ أكد فاروق أنّه شاهد ثلاث أو أربع جثث لمتسلقين قضوا نحبهم في الجبال قبل وصولهم بوقت قصير وتُركوا على ما هم عليه، لأن أحداً لا يستطيع نقلهم،"فكل متسلّق يحمل أنبوبة الأوكسجين وأغراضه الشخصية، ولا يستطيع حمل شيء آخر، وأنا شاهدت متسلقاً استرالياً توفي قبل ساعات من وصولي إليه، واقتربت منه معتقداً أنه يعاني من الإعياء، لكن مرافقه أشار إلي أن الاسترالي كان ميّتاً بالفعل". وحول لحظة وصول القمة، قال فاروق أنه على رغم كثرة المتسلّقين وتتابعهم كسلسلة بشرية على قمة الجبل، إلاّ أنّه لحظة وصوله كان وحيداً على القمة، مضيفاً أنه أحس بنشاط غريب يملأ جسده بعد الإنجاز.