السلام عليكم أخي الفاضل، أنا في محنة كبيرة وأرجو من الله العلي القدير ثم منك أن تساعدني.. وأكتب إليك الآن ودموعي تنهمر من عيني من حرقة ما أحس به من ظلم وعصبية قبلية والرجوع إلى أيام الجاهلية، أنا طبيبة أبلغ من العمر خمسة وعشرين عاماً، أحلم بتكوين أسرة صغيرة صالحة ترضى الله مثل أي فتاة في هذا العالم. تقدم لخطبتي شاب ذو خلق ودين، بل قضى ثلاثة أيام مع أبي وأحبه كثيراً، وفاتحني أبي بموضوع الخطبة وأمرني بالاستخارة مثنياً على هذا الشاب خصوصاً أنه قابل أصدقاءه وأعجب به كثيراً. كانت الأمور تسير على ما يرام حتى جاء اليوم الذي قرر فيه والدي أن يستشير إخوانه ووالده جدي كما يفعل كعادته في كل صغيرة وكبيرة في حياتنا منذ نعومة أظفارنا. اجتمعت العائلة الكريمة وأخذوا يدقون في الكلام أنه غير سعودي، وأهانوه لفظياً ونفسياً خصوصاً عندما قالوا له باستهزاء لا تنس تأخذ عفشك معك!، فهذا الشاب كندي الجنسية يسكن في مكةالمكرمة، طالب علم في دروس الحرم وداعية. وكثير من الناس اهتدوا إلى الإسلام على يده، فهو يوافق حديث الرسول صلى الله عليه وسلم بما معناه:"إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض". كان رأي أهل والدي إخوانه ووالده أن قاموا برفضه رفضاً قاطعاً بل قال جدي لوالدي إذا زوجته بنتك فلا أنت ابني ولا أنا والدك، بحجة أنه غير سعودي والمضحك في الأمر أن جدي متزوج من اندونيسيات متبرجات وله علاقات عدة مع العاملات، فأي تخلف هذا؟ وأين الإسلام من هذا؟ فرد أبي عليّ قائلاً بكل برود ولا مبالاة: لأنه رجل وأنت فتاة! وعندما قلت له إن الصحابي صهيب الرومي، وسلمان الفارسي وبلال ابن رباح رضوان الله عليهم كانوا أعاجم وزوجهم عليه أفضل الصلاة والسلام من قرشيات قال لي:"كان هذا في عصر الصحابة وأن الزمن قد تغير! فبأي حق يتحكمون في حياتي؟ لم يتعب أبي نفسه بأن يقول لي هذا الخطيب تم رفضه ولم يقنعني أو حتى يحاورني في الأمر بل جعل الموضوع وكأنه بيد جدي فقط، كأنه هو ولي أمري وليس أبي! فقد طلب منه زيارتنا ليس للإقناع أو الحوار بل لإلقاء الأوامر والانصراف وفعلاً زارنا جدي وكان مغلق أذنيه عما نقول على رغم أننا أنا وأمي تحدثنا بكل أدب ورقي واستخدمنا حجج الاقناع من الكتاب والسنة الذي هو دستور مملكتنا الحبيبة كما قال الملك عبدالله عندما تولى الحكم حفظه الله. كان جدي يكرر:"الأقربون أولى بالمعروف"لتزويجي من أي أحد من أقاربي على رغم أنه لم يتقدم لخطبتي أي أحد منهم. ويقول لأبي:"هل هذا حديث أم آية؟! وهذا يدل على جهله التام بأمور الدين. أنا الآن في حالة يرثى لها وتغيبت عن عملي في المستشفى لمدة أسبوع ونُوّمت في الطوارئ من هول الصدمة أعاني من آلام حادة في المعدة وهذا لم يحرك شعرة في أحاسيس أبي بل ان قلبه كان يقسو عليّ أكثر يوماً بعد يوم كأني عملت خطيئة وأنا والله العظيم لم أرفع حتى صوتي على والدي أو جدي بل كنت أتحدث بكل احترام وأدب، ولكني لا أتحمل هذا الظلم، فما كان مني إلا أني لجأت إلى المولى القدير بالدعاء ثم إلى قاضي مدينتي الجبيل الصناعية، الذي أشار إلى أن هذا ظلم وان هذا من أمور الجاهلية، وأخذ يكرر الله المستعان الله المستعان، وقال انه يمكن ان يزوجنا في نطاق ضيق ومحدود جداً وذلك بحضور ولي الأمر، ومن المستحيل بالنسبة إليّ أن يحضر ولي أمري، بل أعتقد أنه سيقتلني قبل أن يذهب إلى المحكمة، خوفاً على مكانته وسمعته الاجتماعية لأن القاضي جارنا وصديق لوالدي، وكأن الحياة ما هي إلا مظاهر خالية من أبسط حقوق الإنسان في ديننا الإسلامي الحنيف. فماذا أفعل يا أخي الفاضل؟ فأنا فرصتي في الزواج قليلة وأخاف على نفسي من العنوسة، أو أن أتزوج بمن ليس كفؤاً لي ممن يختاره، بل يرمونني عليه والدي وجدي، فكيف أثق باختيارهم بعد أن رفضوا من يرضاه الله ورسوله لحديث الرسول ص! أرجوا أن تساعدني أخي الفاضل وأن تزوجني من هذا الشاب، بحكم أنك محام معروف ومتمكن بارك الله فيك. انتظر الرد بفارغ الصبر. أختك الحزينة الإجابة : من أجمل ما في رسالتك، هو استخدامك للحجة والدليل في الرد على من منعوك عن هذا الحق، فأنت أقرب للمحاماة من الطب، أما مسألة تزويجك من هذا الشاب، وأنه أجنبي ولكن يتميز بخلقه ودينه، فهذا هو الأهم، وما أطلبه منك هو التفكير كثيراً في هذه المسألة والاستخارة فيها، فإن كان هذا الشاب هو زوجك فسيكون كذلك على رغم أنف الجميع وبإرادة الله، لذلك عليك بالتفكير كثيراً في هذه المسألة والإطلاع على الحقوق التي ستكون لك ولأبنائك منه، ثم حاولي بعدها محاولة إقناع والدك وبشتى الوسائل ولا تيأسي، ولو أدى الأمر إلى تدخل أهل الحكمة من أقاربه أو أصدقائه فافعلي، وإن وجدت أن الأمر بات مستحيلاً، وما زال هذا الرجل متمسكاً بك وأنتِ كذلك، فمن حقك اللجوء إلى القضاء، ويكون القاضي هو ولي الأمر في ذلك، وكوني على علم أن هذه المرحلة قد تفقدك الكثير من علاقة الأرحام وخصوصاً الوالدين، وفي حال فشل هذه العلاقة الزوجية لا قدر الله، ستكون النظرة لكِ مليئة بعدم الثقة بقراراتك، لذلك أكثري من الاستخارة والتفكير. والله الموفق. ريان عبد الرحمن مفتي محام ومستشار قانوني بريد إلكتروني Rayan @lawrayan.com فاكس :026600047 يجيب عن استشاراتكم الهاتفية على الهاتف: 026633366