افتتح أمير منطقة الرياض الأمير سلمان بن عبدالعزيز، مساء أمس الندوة العلمية الملكية عن الملك فيصل بن عبدالعزيز، رحمه الله، في قاعة الملك فيصل بفندق الانتركونتيننتال، وعبّر عن سروره بافتتاح الندوة التي"تلقي الضوء على شخصية عظيمة، خدمت قضايا الأمة". وأشار أمير منطقة الرياض في كلمته، إلى أن الملك فيصل بن عبدالعزيز"حقق الله على يديه الكثير من الانجازات، ويعد من الشخصيات التاريخية القلائل"، وذكر انه شارك مع والده"في العديد من حملات التوحيد وتولى مناصب عدة، إذ كان نائباً للحجاز ورئيساً للشورى ومثل الملك عبدالعزيز في العديد من المشاركات الخارجية". ولفت إلى أن المملكة"شهدت تطوراً في ميادين كثيرة على يديه"، معتبراً أن الملك فيصل"كان مواصلاً لما بناه الملك عبدالعزيز"، مؤكداً أنه عمل على"تحقيق التضامن الإسلامي، كما آمن بالقضية الفلسطينية، وبذل من أجلها الكثير"، معتبراً أن المقام يضيق عن ذكر مواقف الملك فيصل. من جهته، وصف أمير منطقة مكةالمكرمة الأمير خالد الفيصل، في كلمة له،"قيادة المملكة العربية السعودية بالوفاء، ممثلة في الملك عبدالله بن عبدالعزيز وولي عهده الأمير سلطان بن عبدالعزيز وإمارة الوفاء، ممثلة في نجد الإمارة سلمان بن عبدالعزيز ومجتمع الوفاء ممثلاً في الإنسان السعودي، وفي بلد الوفاء المملكة العربية السعودية وفي رجل الوفاء فيصل بن عبدالعزيز"، شاكراً لدارة الملك عبدالعزيز على ما بذلته من جهود، وقال:"شكراً لمن شارك بالبحث والدراسة شكراً لمن حضر". وأضاف قائلاً:"أما المحتفى بذكراه فما عساي ان أقول، كل وصف عنه قليل وهو عن الوصف جليل، سأكتفي بومضة من بروقه، ولو سمعها لن تروقه". ووصفه بپ"نبوغ طفل وشجاعة رجل، وزهد ملك واستشهاد مجاهد". وقال:"ملك نفسه فملك الناس، ترفّع عن الصغائر فكبر، ونأى عن المظاهر فاشتهر، قليل الكلام كثير العمل، إذا تكلم صدق، وإذا غضب صمت، في صمته مهاب وفي حديثه مهذاب، بسيط المظهر عميق المخبر، إذا تكلم ظننته أرفعهم صوتاً لبلاغة حجته، وظن من صحبه أنه أعز الناس إليه، ينصت حتى الملل، ولا يصدق حتى يتأكد، ويصمت حتى الضجر، إذ تحدث تسيد، صبور إذا سأل ولكنه إذا قرى حسم، خلق الإسلام وطبعه التأني والتألم، حلمه وحدة كلمة المسلمين، مسلم غيور، مصلح جسور، للدين ملتزم ومع التطوير منسجم، صبور على الزمان، احترم نفسه فاحترمه الناس، زهد في الدنيا فأتته، وطلب الشهادة فاستعجلته، رحل وما زال معنا". وألقى الأمين العام لدارة الملك عبدالعزيز الدكتور فهد السماري كلمة، تطرق فيها إلى ما كتبه فؤاد حمزة قبل أكثر من سبعين عاماً، ناقلاً قوله بعد أن التقاه في الحفلات والولائم الأوروبية وفي بلاد التقاليد والتمدن،"عاشرته في الحجاز ونجد، وعاشرته في بعض النزهات الخلوية، فوجدته أمير المجالس أينما كان، متمدناً في بلاد التمدن، بدوياً بين البداة، فارساً مغواراً بين الفرسان". وذكر السماري أن الملك فيصل لم يجازف في حياته بأساس دولته،"من أجل رضا البعض في العالم العربي، من دعاة السياسة السطحية، التي تطرب بعض العامة، وتخدع بعض الخاصة بأفكارهم البراقة"، مؤكداً أن الفيصل"أسس لمعنى الثبات والشجاعة، والالتزام في المواقف ومواجهة الأمور، وأرسى مفاهيم الصدق والثقة في النفس"، مستشهداً بما قاله الصحافي الفرنسي روبيري سوزانيه عن الفيصل"إن نظراته الحادة المتفحصة، تستقر بسرعة على محدثه، وتحاول أن تنفذ إلى أفكاره الداخلية، لتنكفئ بعد ذلك إلى تأمل داخلي". ولفت إلى أن الفيصل"كان نموذجاً في القيادة الزعامة، يستحق بل يستوجب الدراسة والتمعن، من خلال مواقفه وسيرته، رحمه الله". وأشار السماري إلى أن هذه الندوة العلمية الملكية الثانية،"تأتي استجابة لهذه الحاجة الماسة، وهي دراسة الملك فيصل وتأريخه لتفتح مزيداً من الأبواب، أمام الباحثين المهتمين لسبر أغوار هذا الموضوع المهم". وقال رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة لدارة الكتب والوثائق العامة في مصر الدكتور محمد صابر عرب، في كلمة المشاركين:"إن الاحتفاء بالمغفور له الملك فيصل، ليس من قبيل الاحتفاء بالمناسبات الوطنية فقط، وإنما هو احتفاء بتجربة قائد وسياسي، قاد بلده في فترة عصيبة، حتى وصل بها إلى بر الأمان"، مشيراً إلى أن متابعة الملك فيصل لبرنامج التنمية الداخلية في التعليم والخدمات والبنية الأساسية في شتى المجالات، إضافة إلى قيادته للمفاوضات باقتدار مع بريطانيا والولايات المتحدة الأميركية وإيران، بشأن ما سمّاه الأوربيون بالفراغ الناجم عن الانسحاب البريطاني من الخليج، في ظل ظروف دولية معقدة". وتخلل حفلة الافتتاح عرض فيلم وثائقي عن الملك فيصل، تضمن مقاطع للراحل فيصل يؤكد فيها أهمية العمل، من أجل الدين ثم الوطن. كما عرض الفيلم زيارة الملك فيصل إلى انكلترا وهو ابن الثالثة عشرة، إضافة إلى مقابلاته لكثير من قيادة العالم. وشمل الفيلم مداخلات تركي وخالد وسعود الفيصل، وأكد سعود الفيصل في مداخلاته"أن منظمة المؤتمر الإسلامي تعد أهم منظمة بعد الأممالمتحدة"، وأشار وزير الخارجية إلى أن الملك فيصل كان يقول:"إن بعض الساسة يعتقد أن الكذب هو المرتكز"، مؤكداً أن الراحل"يؤكد على الصدق حتى مع العدو". وتناول الفيلم ازدهار حركة التعليم بخاصة تعليم الفتيات، وتأسيس الإعلام السعودي. وعقب انتهاء حفلة الافتتاح انتقل الحضور، إلى المتحف الوطني في مركز الملك عبدالعزيز التاريخي لافتتاح معرض"الفيصل شاهد وشهيد"، الذي ينظمه مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية.