لدينا تصور مسبق بأن الأب هو الأصلح لحضانة الأطفال، على رغم معرفتنا المسبقة بأنه لا يوجد في المنزل معظم ساعات النهار لظروف العمل، كما يصدف ألا يُوجد في المساء في المنزل بحكم ذهابه للقاء الأصدقاء في مقهى ما، أو في الديوانيات وخلافه، ومع ذلك نرى انه يحكم له بالحضانة لمجرد أنه رجل، وليس لأنه الأصلح للقيام على رعاية شؤون الأبناء والبنات! كل الجرائم الخمس التي أدمت قلوبنا أخيراً كانت وراءها زوجات الآباء، أو باشتراكهن مع الآباء بالفعل أو بالتستر على المجرمين بالصمت على أزواجهن الذين يعذبون أبناءهم وبناتهم من زوجات مطلقات إلى حد القتل! ومع أننا سعدنا وارتحنا لتنفيذ العقوبات ضد أولئك المجرمين، إلا أن المفترض هو إعادة النظر في أحكام الحضانة المطلقة التي تعطي الأب وحده دون الأم حق الحضانة... كما نأمل بأن تكون العقوبة موازية في القسوة للجريمة التي ارتكبت بحق طفلة بريئة، كونها تعيش في بيته وتحت رعايته ومسؤوليته، ومسؤولية زوجته مثل زوجة والد رهف التي عوقبت بالسجن والجلد مع أنها حرقتها في أنحاء متفرقة في جسدها الصغير وعرضتها للجوع وغيره من ألوان التعذيب التي لا يعلمها إلا الله وحده! ولعل ما يدعو للاستغراب أن زوج المديرة الفاضلة لم يعاقب على رغم انه يعتبر شريكاً لها في الجريمة، لأنه المسؤول عن ابنته، ولا يعفيه عدم معرفته بما لحق بها من مسؤوليته عنها وعما يدور في بيته. زوجة والد"شرعاء"بعدما تأكدت من مقتل الفتاة اتجهت إلى أخيها ناصر لتقوم بتهديده وضربه... استطيع أن انسى الصور البشعة التي رأيناها في مؤتمر التعريف بالعنف عن طفلة عذبتها زوجة والدها بالكي بالنار والتجويع وحلق الشعر وانتهاك الأعضاء الحساسة، وتوقعنا - بعد أن أدمت الصور قلوبنا - أن يعاقب والدها، ولكنه أفلت من العقاب، لأنه قال انه لم يكن يعلم، وهو ادعاء ما كان ينبغي أن يعفيه من المسؤولية لأنه حاضن... والغريب ? أيضاً - ان زوجته أيضاً لم تعاقب بعد تدخلات أفراد من هنا وهناك، وضاع حق الفتاة وسط آلامنا من رؤية المشاهد المخزية! اعترف الوالد في التحقيق بأنه لم يكن يشاهد ابنته، فهل هذا يتفق مع واجبات الحضانة؟ وهل الأمانة على أرواح زهور يانعة هي تسليمها لامرأة غريبة كل ما يربطهم بها عقد زواج بوالد الطفل أو الطفلة قد ينتهي في أي لحظة؟ أليس من المفترض قبل الحكم بالحضانة لأحد الأطراف ان تتأكد المحكمة عن طريق البحث الميداني والسري من كفاءة الحاضن من الناحية النفسية والاجتماعية والأخلاقية وغيرها؟ أليس من المفترض ان تعود الحضانة لوالدة الزوجة في حال زواج أم طفلة من رجل آخر؟ قبل أيام عدة طالعتنا الصحف بخبر عن تعرض فتاة لاغتصاب من عمها، وتحرش من أصدقائه وهي في حضانة أب مدمن، أليس من المفترض نقض الحكم لأب مدمن بحضانة ابنته؟ أليس من المفترض مراجعة أحوال الأبناء عن طريق جولات تفقدية مفاجئة على المدارس والبيوت للوقوف على حالهم، ومراجعة حكم الحضانة عند وجود أي شبهة إهمال قد يعرض الأبناء للخطر سواء كان جسدياً أو نفسياً؟ أليس من المفترض ان تعلم الأم المطلقة بمكان سكنهم وان يحكم لها قضائياً بحق الاتصال بهم وتنفيذ مثل هذا الحكم بقوة القانون إذا ماطل المحكوم عليه في تنفيذه؟ أليس من المفترض اعتبار كل حاضن يغير مكان سكنه أو لا يوضحه بصدق أن يعتبر في حكم الخاطف، لأنه حرم الأم من حقها الشرعي في رؤية أطفالها كما حرم أطفالها من رؤيتها؟ لا استطيع ان انسى الأم السعودية التي حُرمت من حضانة طفلتها لأنها ترتاد الأسواق، على رغم أنها لم تتزوج... ألا ينبغي الآن مراجعة الحكم، خصوصاً أن كل الناس يرتادون الأسواق؟ أم قياساً على ذلك الحكم نتوقع أن تسحب الحضانة حتى من الآباء الذين يرتادون الأسواق؟ جرس الإنذار يدق الآن عالياً وبصورة متواصلة فهل يزعجنا رنينه لنتعظ؟ [email protected]