لا تزال مشكلة البحث عن سكن من المعضلات التي تواجه معظم الطالبات اللاتي يأتين من مناطق المملكة كافة لغرض الدراسة ومواصلة التعليم، وأصبحت الإجراءات البيروقراطية جزءاً لا يتجزأ من نظام الإسكان الداخلي التابع للكليات والجامعات الحكومية، وكانت أنماط السكن الهاجس المؤرق للطالبات الباحثات عن بدائل متعددة لسكن مريح ومؤمن من جميع النواحي الخدمية والتي توفر الخصوصية من دون تدخل كبير من إدارة السكن، ولعل جوانب الترفيه والهروب من الصرامة الزائدة والبحث عن بدائل لإيجاد منشآت سكنية ما بين القطاعين الأهلي والحكومي، أبرز ما طالبت به بعض الطالبات. التقت"الحياة"عدداً من طالبات السكن في مدينة الرياض للكشف عن بعض ما يعشنه في رحلة البحث عن شقة أو وحدات سكنية. تقول زهراء طالبة في كلية التمريض:"بعد قدومي من المنطقة الشرقية أقمت لمدة سنتين في سكن مجاني تابع للكلية وواجهت صعوبات كثيرة. تمت الإجراءات بعدما أبرزت إثبات شخص آخر من أقاربي كي يسمحون لي بالدخول، وبعدها كان علينا الالتزام ببنود يجب تطبيقها وعدم تجاوزها. ومن تلك البنود: أجهزة الجوال ممنوعة، وتبادل الزيارات محظور، واستقبال الضيوف كذلك، حتى إذا كانوا من أولياء أمورنا أو ذوينا، إلا في بهو الكلية الرئيس. وتصف زهراء الجانب الترفيهي في السكن بأنه محدود جداً، حتى القنوات التلفزيونية لا تتعدى ثلاث قنوات. أما خدمات الانترنت"فهي غير موجودة، على رغم أننا طالبات ونحتاجه في مجالات البحث المتعددة، خصوصاً أننا ندرس تخصصات طبية تعتمد كثيراً على استخدام محركات البحث". وتضيف زهرة:"يمنع منعاً باتاً خروجنا إلا بتفويض خطي وموقع من شخصين ذكور ولا يسمح للأم بالتفويض، ولا يمكن الخروج من دون إذن حتى إذا كانت الطالبة مريضة، وعند مرضها تخرج فقط مع مشرفة السكن التي تقوم بدورها بمتابعة حال الطالبة إلى حين العودة. كما لا يسمح لي برؤية زوجي داخل السكن، ولا بد من الخروج والعودة في وقت محدد". وعن الرحلات الأسبوعية التي تقدمها إدارة السكن الداخلي تقول زهرة:"في كل أسبوع نقوم بزيارة لأحد متنزهات أو معالم مدينة الرياض لتبدأ إجراءات إرسال خطاب موقع من ولي الأمر ومختوم من جهة عمله، وفي حال تقاعد الأب يرسل الخطاب إلى عمدة الحي ويوقع بموافقة خروج الطالبة للرحلة القصيرة". وتشير إلى أن الكثير من الطالبات يخترعن ألعاباً لسد أوقات الفراغ، ويقمن حفلات صغيرة تنسيهن الغربة وابتعادهن عن ذويهن. أما خلود الأمير طالبة من كلية التمريض فلم تفكر حتى في تجربة السكن المجاني. تقول:"اكتفيت بالإقامة في مجمع كبير يعتبر أكبر تجمع للطالبات في الرياض"، ولا تنكر شعورها بالحرية الشخصية والاستقلالية بعيداً، إذ تستطيع أن تحدث أهلها الذين يتكفلون بدفع إيجار الشقة وتتصرف في سكنها من دون قيود المشرفات"اللاتي يقيدونهن بملابس معينة، ويصدرن تعليمات جداول التنظيف الأسبوعية، ويقمن بالتفتيش المفاجئ والدخول إلى الغرف من دون إنذار سابق". وتضيف:"إن بيئة الدراسة صارمة أصلاً ونحن بعيدون من أهلنا ولا نحتمل تسلط الغير". وتشعر خلود بالسعادة لأنها خلال خمس سنوات في السكن لم تواجه أية مشكلة، على رغم وجودها وسط مجموعة كبيرة من الطالبات. وتبدي استغرابها من منح إدارة السكن أولوية التأجير لمن تتجاوز نسبهن المئوية التسعينات فما فوق، أما من تكون نسبهن دون ذلك فيوضعن على قائمة الانتظار إلى حين امتلاء الشقق من صاحبات النسب المرتفعة. لكن فرحة الأمير لم تكتمل إذ تواجه الطالبات الآن مشكلة إخلاء المجمع الذي يسكن فيه، وهو ما سيضعهن في مأزق البحث عن مكان بديل بمواصفات تحفظ لهن الخصوصية، وتقول:"نتمنى توفير مجمع سكني خاص له مداخل ومخارج خاصة، مزود برجال أمن وبشكل نظامي"، مشيرةً إلى أن"البحث في الشقق العامة وسط العائلات أمر صعب بالنسبة إلينا كفتيات". وتروي خلود حادثة مرت بها:"عند ذهابي إلى مكتب العقار للبحث عن سكن، رفض المؤجر هوية الإثبات الرسمية الخاصة بي، وطلب"بطاقة العائلة"وقمت باستدعاء أخي الذي رُفضت"هويته"أيضاً ما استدعى إلى حضور والدي". وتتمنى خلود من رجال الأعمال إنشاء مشاريع تحوي وحدات سكنية مخفضة، تؤمن جميع الاحتياجات السكنية والدراسية، محاطة بسياج أمني يوفر الخصوصية المطلوبة للمغتربات من دون اللجوء إلى الإسكان العام أو أن يتم التعاون بين القطاعين الأهلي والحكومي لفتح فرص أكبر لسكن آمن.