أكد إمام وخطيب المسجد الحرام الأستاذ في كلية الشريعة بجامعة أم القرى الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن عبدالعزيز السديس، أن الذين يخجلونپمن الحديث حول المواطنة يفتحون المجال أمام كل من هب ودب للطعن في الدولة، والتعرض لها، وتسهيل الطريق أمام كل مخرب ومكفر وخارج عن القانون"حتى أصبحت مهوى لكل طامح". وقال إمام وخطيب المسجد الحرام خلال محاضرة عن"الإسلام والمواطنة"، ألقاها في جامعة طيبة بالمدينة المنورة أمس:"إن ما حدث من إرهاب وجريمة، وتسلط الأعداء الألداء، وجهل الأبناء، إضافة إلى قصور أهل الفكر والثقافة والكتّاب في تبيان ما آلت إليه بعض المجتمعات من حال مزر، كان نتيجة لتنصلهم من المواطنة، وعدم إيمانهم بأهمية الوطن والحفاظ على تربته وتماسكه ووحدته"، مؤكداً أن الناس تحتاج إلى الوطن، ولا قيمة لإنسان لا يحب وطناً يحتويه، خصوصاً وأن الفطرة تنزع إلى ديارها. وحذر السديس في شدة من السعي خلف التهم والطعن في العلماء، ومحاولة خدشهم وإسقاطهم، وزرع بذور الفتنة، والتمسك بالنعرات القبلية والطائفية والمذهبية، مشيراً إلى أن كل هذه الأمور خطر على الأوطان، بل وتهدد سلامتها واستقرارها وتفتت وحدتها. وأبدى تعجبه من عدم الاهتمام بالمواطنة، مشيراً إلى قيام الغرب بتأصيل حب الوطن في نفوسپ أبنائه، وتعليمهم المحافظة عليه، ولذلك فقد حققوا قصب السبق في العديد من الأمور التي سبقتهم فيها الأمة الإسلامية. وقال إمام وخطيب المسجد الحرام:"إن المواطنة الصحيحة هي التي تمثل الشريعة الإسلامية والأمة المسلمة، والتي تنمي حب الوطن، نظراً للتوجيه الإلهي بأن على الناس عدم مخالفة ولي الأمر، والذي يعد حاكماً على الوطن، ما يؤكد وجوب المواطنة وضرورة الانتماء، ذاهباً إلى أن المواطنة الصالحة ليست شعارات براقة، وإنما تفاعل وأخلاق ومصداقية لا تلون فيها ولا خضوع للمساومة". وعن أهم ضوابط المواطنة، أكد أنها تتضمن الاعتصام بالكتاب والسنة، والانتماء إلى الديار، ولا يكون ذلك إلا بالإيمان والتقوى، والتمسك بالعقيدة الصحيحة، واستشعار المؤمن وطنيته، فلا يسعى إلى خراب وطنه وتدميره، وجعله أنقاضاً، وتسهيل مهمة الأعداء إلى الوصول إلى الوطن، وقيام المربي الصالح في الجامعات والمؤسسات التعليمية، والخطباء وأهل الفكر، بغرس شعور المواطنة والانتماء لهذا البلد في الأبناء، وسعي المواطن من خلال مسؤولياته الإدارية إلى إنجاز مصالح الأمة، وعدم عرقلتها أو تأخيرها. وأضاف:"إن المواطنة تقتضي القدوة الحسنة في أن يكون المسلم خير سفير لوطنه،پوأن يكون حسن التعامل في جميع حالاته، وهي ليست شكلاً، وإنما تنطلق بالعقيدة والإيمان والتقوى، وتطبيقها تطبيقاً صحيحاً، كما أن المواطنة تأبى كل الدعاوى ضد قيادتها، فهي تعني الاعتزاز بالدين الإسلامي، وأن على المسلم الاعتزاز بدينه". وأكد السديس على أن المواطنة لم تقف على المسلمين فقط عبر التاريخ، بل امتدت إلى غير المسلمين، إذ نبه النبي صلى الله عليه وسلم إلى احترام المعاهدين، والذين كان يعاملهم معاملة حسنة، ومن ثم اقتدى أصحابه من بعدهپبهذا النهج، وهذا ما يدل على سماحة الإسلام مع غير المسلمين الذين يواطنوهم، وأن على الإنسان مراعاة مصالح وطنه، والاهتمام به ودفعه إلى منصات التتويج والعزة والكرامة.