يبدو ان"فنان العرب"محمد عبده أدرك قيمة التسويق والإعلام، بخبرته الطويلة، بغض النظر عن قيمة الفن، ما جعله يظهر أربع مرات إعلامياً في أقل من شهر في الدوحة والقاهرة والكويت، ومرتين في أقل من ثلاثة أيام آخرها أول من أمس، وقبل ذلك كله مرة في رمضان الماضي مع هالة سرحان! بل وبات يسوق أعماله للشبان والفتيات في"فيرجن"? مارينا مول في الكويت! وعلّ التغطيات الصحافية والعناوين النارية التي رافقت ذلك الظهور الإعلامي"المفرط"، كانت دافعاً له ليتمادى ربما في"التجريح"و"التهكم"بهذا الفنان أو ذاك، وفي توزيع الألقاب لهذه الفنانة أو تلك، وفي التقليل من فنانين ربما تفوق مبيعاتهم ما يبيعه محمد عبده في ألبومين، بعيداً من القيمة الفنية. آخر مسلسل"الظهور الإعلامي المفرط"، كان أول من أمس في برنامج"العراب"، على قناة MBC وإذاعة MBC FM، في لقاء استثنائي استمر لثلاث ساعات! وقبل الخوض في ما قاله عبده، يذكر أن مقدم البرنامج نيشان و"عرّاب الإعداد"طوني سمعان لم يقدما جديداً على مستوى الأسئلة، إذ إن ما طرح امتداد لما قيل في برنامج"البيت بيتك"على الفضائية المصرية وفي المؤتمرين الصحافيين في الدوحةوالكويت، وفي لقائه على إذاعة MBC FM، الذي أذيع قبل البرنامج بيومين. ونصّب نيشان قسراً فنان العرب قاضياً يحكم على أسماء كثيرة، وكأنه يحاول استجداء الصفحات الفنية للكتابة عن الحدث وبالتالي عن البرنامج الذي يقدمه. لم تقتصر الأحكام والأسئلة على الفنانين، فنيشان أشار إلى أن الدكتور عبدالله الغذامي اعتبر محمد عبده منشداً، واعتبر غناءه ل"أنشودة المطر"إساءة للفصحى وللشاعر بدر شاكر السياب. محمد عبده لم يقرأ هذا الكلام بل سمعه، ووصف الغذامي بالشاعر، وحين حاول نيشان تصحيح ذلك استدرك عبده بوصف آخر هو"الأديب الحداثي"، وقال:"الحداثيون ما يعجبوني"... ثم أضاف أن الإنشاد ليس بالأمر السهل. وقبل الخوض في ما قيل عن الفن، في تلك الحلقة، للقارئ التأمل في مواضيع أخرى مرت في البرنامج، ربما"لا ناقة لمحمد عبده فيها ولا جمل"، مثل: رأيه في أن 95 في المئة من الغناء الموجود على الساحة حالياً"حرام شرعاً"، فالغناء غير الماجن"حدوده ضيقة"برأيه، مشيراً إلى العصر العباسي الذي كانت تحظى فيه الجارية بالاهتمام أكثر من العالم. وتشديده على أن ظاهرة البطالة هي سبب انتشار الغناء في العالم العربي. ولعل القنبلة الأكبر التي فجرها قوله ب"أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان سعودياً"! هذا غير حديثه عن الشعوب العربية التي تحظى بحكومات حكيمة، في وقت تحظى فيه شعوب غربية أفضل من الشعوب العربية بحكومات جاهلة. وأشار محمد عبده إلى رفض لجنة الإجازة في وزارة الإعلام لاسمه في بداية حياته الفنية، بحجة أنه قد يحدث خلطا بينه وبين عالم الدين المصري الإمام محمد عبده. وكان أشار في مؤتمر الكويت إلى أنه احتال على الوزارة في أغنية"أحوال"، في محاولة لتوجيه الصحافة السعودية آنذاك إلى عنوان"ساخن". ونفى الفنان السعودي مجرد التفكير في الاعتزال، مؤكداً أنه لا يفكر في هذا الأمر إطلاقاً لأنه ليس لاعب كرة. النقد والتهكم اللذان ربما يمارسهما عبده من أجل التسويق لنفسه ولألبومه الجديد، لم يسلم"منه أحد"? مجازاً - في الوسط الفني. انتقد منافسه العتيد بقوله:"لا يوجد تطور موسيقي في أغاني طلال على رغم صوته الجميل. وجيلي هو من صنع هوية الأغنية السعودية". كما صنف عبد المجيد عبد الله وراشد الماجد كمطربين خليجيين، بينما صنف نفسه هو وعبادي الجوهر كمطربين سعوديين، غامزاً إلى أن المطرب السعودي قادر على التوجه إلى الطرب الخليجي، لكن العكس صعب. وأشار محمد عبده إلى أنه شاهد حلقة"العراب"مع جورج وسوف، وقال"كان جورج خفيف الظل وأضحكني كثيراً". وفي شأن تصريحه في مؤتمر الكويت قبل أشهر بأن الفنان العراقي كاظم الساهر فنان كل العرب، قال هذه المرة"الألقاب لا تصنع الفنان..."، وتحدث عن رفض كاظم الغناء في الجنادرية معتبراً إياه فوت فرصة صناعة قاعدة جماهيرية سعودية، وكأن الساهر لا يملك هذه القاعدة. ثم قال فوق ذلك كله:"أحب كاظم، لكن لو كان صوته أحلى بعض الشيء كنا سمعنا منه طربا أحسن". هذا غير اعتبار مخارج الحروف عند نوال الكويتية، سيئة أو غير واضحة! لم تخلو المرات السابقة التي ظهر فيها عبده في برنامج"البيت بيتك"ومؤتمر تكريمه في الدوحة ومؤتمر إطلاق ألبومه في الكويت من الطريقة ذاتها في توزيع التصريحات النارية وعلى سبيل المثال، في الدوحة: أحلام فنانة الخليج الأولى، وفي الكويت: نوال الكويتية أميرة الرومانسية، وفي مصر: تزوجتُ من قاع المجتمع. ويمكن هنا سرد بعض تلك التصريحات عشوائياً:"فنان العرب.. لا تليق إلا بي ولا أليق إلا بها"."هناك أغنيات كثيرة أهم من أغنية الأماكن، وعلى الملحن والكاتب أن يتجاوزاها، أما الصوت فموجود"!"أغنية"الأماكن"نجحت لكن هناك أغنيات كثيرة أهم منها، وربما على صاحب الأماكن أن يحسن الانتقاء في المرة المقبلة كي يؤكد نجاحه"..."نعم كان هناك مشروع تبادل ألحان مع عبادي الجوهر وفنانين آخرين، لكنه غير واضح ولم يكتمل، ولا بد لأصحاب المشروع من أن يتفاوضوا مع روتانا فأنا متعاقد معهم"..."راشد وعبدالمجيد وكل الفنانين الشباب أبنائي ولا ضير إذا انتقدتهم"..."لست ضد الفيديو كليب وأشاهده، لكنه لا يناسبني ولا يناسب فني". أين سيظهر محمد عبده أيضاً؟ وهل سيتقاضى المبالغ ذاتها أم أن الجمهور سيصاب بالتشبع منه على رغم قيمته التراثية؟ وهل يقصد كل تلك الزوبعة للتسويق، أم أنها تخرج بعفوية؟