ربما كان للأمر علاقة بالعشوائية التي كانت تعيشها مهنة المحاماة إلى وقت ليس ببعيد، أو كان يتعلق بطبيعة المجتمع السعودي الذي كثيراً ما تغنيه عن الإثباتات الرسمية الكلمة الطيبة و"اللحية الغانمة". فعلى مدى 15 عاماً اعتاد المحامي وصاحب الشخصية المعروفة لدى معظم الدوائر الحكومية، مراجعة جميع الجهات الحكومية والأمنية، والمحاكم، وأقسام الشرطة، غير أنه سقط أخيراً في قبضتها التي طالما صال وجال فيها، ليسجل كأخطر محام ومستشار قانوني مزيف، بعد انتحاله طوال تلك الفترة شخصية مواطن سعودي يتشابه اسمه معه. وتعود تفاصيل القبض على المحامي المزيف، إلى أول من أمس حين ذهب إلى قسم شرطة الشمالية في محافظة جدة كعادته"لمراجعة"إحدى القضايا التي وكل بها، إلا أن ضابط القضية فعل ما يفترض به حين لم يفعل مسؤولون غيره، إذ طلب منه الضابط إبراز هويته الشخصية رغم أن المحامي المزور معروف لديهم لكثرة مراجعته لأقسام الشرطة خلال ال15 عاماً الماضية. وعند ذلك ارتبك المحامي المزعوم وتحجج بأنه معروف لديهم ولدى جميع الأقسام الأخرى، وقال إن بطاقته الشخصية مفقودة، وعند ذلك شك الضابط في ردة فعل المحامي وكذلك في لهجته التي يتكلم بها التي لا توحي بأنه من الجنسية السعودية، ما دفعه لمحاصرته بالأسئلة ليتحقق من صدق شكوكه. وفتح الضابط مع المحامي تحقيقاً نظراً لعدم حيازته ما يثبت هويته، فاعترف أثناء مجريات التحقيق انه مقيم من الجنسية اليمنية، وانه منتحل لهذه الشخصية منذ 15عاماً، فتمت المصادقة على أقواله وتوقيفه، وإقفال"مكتبه"، وإحالة أوراقة إلى الإمارة. من جهته، أوضح المستشار القانوني خالد أبو راشد ل"الحياة"، أن السبب والسر وراء بقاء المحامي المزيف خلال هذه الفترة من الزمن من دون القبض عليه يعود إلى عدم وجود تنظيم في السابق لمهنة المحاماة بالشكل الحالي، إضافة إلى أنه من المحتمل أن يكون المحامي كان يستخدم بطاقة مزورة سهلت عليه البقاء طوال هذه المدة من دون اكتشافه. وأكد أن العقوبات في هذا الشأن بالنسبة للسعوديين الذين ينتحلون صفة المحامين تصل إلى السجن لمدة عام إضافة إلى الغرامة المالية، وفي قضية المحامي المزيف المذكور قد يحاكم بانتحال الشخصية والتزوير في حال قيامه بتزوير أي بطاقات رسمية.