دعا وزير العمل الدكتور غازي القصيبي المجتمع إلى الإسهام في حل مشكلة البطالة التي وصفها ب"العويصة"و"غير المخيفة"في الوقت ذاته. وشدد على أن دماء السعوديين ليست زرقاء، رافضاً تصنيف المهن على أنها"دنيا"و"عليا". وأنهى الجدل خلال لقائه المشاركين في جلسات الحوار الوطني الذي اختتم أمس في مدينة بريدة بعنوان:"مجالات العمل والتوظيف... حوار بين المجتمع ومؤسسات العمل"، بشأن الضوابط الشرعية لعمل المرأة بقوله:"إن لجنة برئاسة وزير الداخلية الأمير نايف بن عبدالعزيز وضعت ضوابط لعمل المرأة، ومن يطالب بوضع ضوابط جديدة، إنما يريد التضييق أو التوسيع من دون حاجة". وعلّق القصيبي على مطالبة إمام مسجد قباء الشيخ صالح المغامسي في جلسة أمس بالبدء بإحلال الوظائف"العليا"التي يشغلها وافدون في البلاد، قبل المهن"الدنيا"مثل الحدادة والنجارة بالقول:"هناك مهن شريفة وأخرى ليست كذلك، وليست دماؤنا زرقاء، الأنبياء منهم من كان نجاراً وحداداً، وجميعهم امتهن رعي الأغنام، والواجب أن نشجع الشباب وندفعهم إلى هذه الأعمال". واعتبر المغامسي في حديث إلى"الحياة"أن كلام القصيبي خطأ. وأضاف:"استدلال القصيبي بحديث الرسول بعمل الأنبياء صحيح في ذلك الزمان، ولكن تطبيقه على الحالة التي نعيشها خطأ، إذ إن الجميع كانوا يعملون في أعمال خاصة، ولم يكن هناك حكومات وموظفون". وتابع:"نعلم انه ليس هناك دماء زرق... لكن لا نريد أن نشعر أن بعض المواطنين دماؤهم زرق والآخرين ليسوا مثلهم، طلبت أن يربى جميع المواطنين على أن يعملوا في هذه المهن، وان يهيأوا للمهن العليا ثم الوسطى، وهذه تجربة ناجحة في ماليزيا، لأن الناس لن يقبلوا أن ينظروا إلى من هو أعلى منهم في بلدهم وهذا محال تقبله نفسياًَ". وكان القصيبي استهل الجلسة التي حملت عنوان:"واقع العمل ومطالب المجتمع: حوار المشاركة مع وزارة العمل"، بطلبه ألا تتحول إلى سجال أو مناظرة"لسنا في مجال استعراض المهارات، بل في مجال معضلة عويصة تهم المجتمع". وبدت ردود وزير العمل هادئة على أسئلة ساخنة وجهها أكثر من 70 مشاركاً ومشاركة إليه، جلها حول مشكلة البطالة والعمل والتوظيف والتدريب والعمالة الوافدة والعمالة السائبة والسعودة والنظر في الحد الأدنى للأجور، وكانت مداخلات المشاركات أكثر سخونة حين طالبن بوضع ضوابط حقيقية لعمل المرأة وتوسيع مجالات عمل المرأة، وتحديد كيفية العمل عن بعد. ورأى القصيبي أن"مشكلة البطالة عويصة، وتكونت عبر عشرات السنين، وشارك في وجودها عدد من العوامل، ولا يمكن أن نتخلص منها بحل سحري، ووزارة العمل لا تستطيع وحدها أن تغير ثقافة العمل في المجتمع، ولا تستطيع أن تغير العادات والتقاليد التي تحكم هذه الأمور". وشدد على أن موضوع الضوابط الشرعية لعمل المرأة انتهى بشكل حاسم:"لن نستمر للأبد في بحث هذا الموضوع لأنه درس بمشاركة مجموعة من العلماء والمفكرين والمجلس الاقتصادي الأعلى، وتوصلوا إلى قرار حاسم بضوابط عمل المرأة". وأشار قبل أن يقرأ بعض هذه الضوابط على الحضور إلى أن الشريعة الإسلامية كفلت حق العمل للمرأة، وأنها دعت إلى عدم التحرش بالمرأة، وإلى فتح المجال أمامها للعمل، ومن بين الضوابط التي ذكرها:"أن يكون العمل ملائماً لطبيعة المرأة، وألا يشكل عبئاً عليها، وألا يؤدي إلى ضرر اجتماعي أو خلقي، وأن تؤدي المرأة عملها في مكان لا يوجد فيه رجال". وعن تساؤل إحدى المشاركات بخصوص"تفشي"رشاوى في وزارة العمل للحصول على التأشيرات، رد القصيبي على ذلك بالقول: شأن وزارة العمل شأن الوزارات الأخرى لا تخلو من هذه الآفات، لكني لا أستطيع أن آخذ قراراً ما لم تكن لدي أدلة، ثم لا أستطيع أن أعين رقيباً على كل شخص، فهذه مردها إلى الذمم والأخلاق، وضبطنا أشخاصاً أبلغ عنهم مواطنون بالتعاون مع الجهات ذات الاختصاص".